(المسألة الأولى): في بيان وجه مناسبة هذا الكتاب للأبواب السابقة: لَمّا كانت الكتب السابقة، من البيع، والمزارعة، والمساقاة، والشفعة من وسائل اكتساب المال بالمال، أو بالجهد والعمل، أعقبه المصنّف رَحِمَهُ اللهُ بذكر ما يحصل به المال بغير مال، ولا جهد، أو عمل، وهو الميراث، والهبة، والوصيّة. فلذا جاء بكتاب الفرائض بعد كتاب البيوع، ثم أعقبه بكتاب الهبة، ثم بكتاب الوصيّة. أفاده بعض المحقّقين (١).
(المسألة الثانية): (اعلم): أن علم الفرائض من أهمّ العلوم الدينيّة، وأدلّ دليل على ذلك اهتمام الشارع به اهتمامًا زائدًا، فبينما نرى القرآن الكريم يكتفي في أكثر أبواب الأحكام ببيان أصول كليّة دون التعرّض للجزئيّات والتفاصيل في الغالب، نجده في باب الفرائض يهتمّ ببيان جزئيّاته وتفاصيله الدقيقة، ويصرّح بذكر السهام لكلّ واحد من الورثة في بسط واستقصاء، وهذا فيه دلالة واضحة على أهميّة علم الفرائض.
وأما الأحاديث الواردة في فضل الفرائض وتعلّمها، فليست صحيحة، وإنما العمدة هو دلالة الكتاب، كما ذكرته آنفًا.
(فمنها): حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تعلّموا
العلم، وعلّموه الناس، تعلّموا الفرائض، وعلّموه الناس، تعلّموا القرآن، وعلّموه الناس، فإني امرؤ مقبوض، والعلم سيقبض، وتظهر الفتن، حتى يختلف اثنان في فريضة، لا يجدان أحدًا يفصل بينهما"، أخرجه الدارميّ، وهو