للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدار الأولى: في بطن الأم، وذلك الحصر، والضِّيق، والغمّ، والظلمات الثلاث.

والدار الثانية: هي الدار التي نَشَأَتْ فيها، وأَلِفَتْها واكتسبت فيها الخير والشر، وأسباب السعادة، والشقاوة.

والدار الثالثة: دار البرزخ، وهي أوسع من هذه الدار، وأعظم، بل نِسْبتها إليه، كنسبة هذه الدار إلى الأُولى.

والدار الرابعة: دار القرار، وهي الجنة، أو النار فلا دار بعدها، والله ينقلها في هذه الدور طبقًا بعد طبق، حتى يبلّغها الدار التي لا يصلح لها غيرها، ولا يليق بها سواها، وهي التي خُلقت لها، وهُيّئت للعمل الموصل إليها، ولها في كلّ دار حكم وشأن غير شأن الدار الأخرى، فتبارك الله فاطرها، ومنشؤها، ومميتها، ومحييها، ومُسعِدها، ومُشْقيها. انتهى كلام ابن القيّم - رحمه الله - مختصرًا (١)، وهو بحث مفيدٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٣٤) - (بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ)

" الرِّباط" - بالكسر -: قال الفيّوميّ - رحمه الله -: رَبَطْتُهُ رَبْطًا، من باب ضرب، ومن باب قَتَل لغة: شددته، وَالرِّبَاطُ: ما يُربط به القربة، وغيرها، والجمع: رُبُطٌ، مثل كتاب وكُتُب، ويقال للمصاب: رَبَطَ الله على قلبه بالصبر، كما يقال: أفرغ الله عليه الصبر؛ أي: ألهمه، والرِّبَاطُ اسمٌ من رَابَطَ مُرَابَطَةً، من باب قاتل: إذا لازم ثَغْر العدوّ، والرِّبَاطُ: الذي يُبنى للفقراء، مولَّدٌ، ويُجمع في القياس على رُبُطٌ بضمتين، ورِبَاطَاتٌ. انتهى (٢).

وقال ابن الأثير - رحمه الله - في تفسير حديث: "إسْباغُ الوضُوء على المَكاره، وكَثْرةُ الخُطَا إلى المساجد، وانْتِظَار الصلاة بعْد الصلاة، فذَلِكم الرِّبَاط": الرّباط


(١) راجع: "الروح" لابن القيّم ص ١٤٣ - ١٤٥.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢١٥ - ٢١٦.