للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نسل ما مُسخ من الأمم، ومثله ما ذكره في الفأرة لمّا قال: "فُقِدت أمَّة من بني إسرائيل، لا أدري ما فَعَلت، ولا أراها إلا الفأر" كان هذا منه - صلى الله عليه وسلم - ظنًّا، وحَدْسًا قبل أن يوحى إليه: "إن الله تعالى لم يجعل لمسخٍ نسلًا" (١)، فلما أُوحي إليه بذلك زال عنه ذلك التخوُّف، وعلم أن الضَّبَّ، والفأر ليسا من نسل ما مُسِخ، وعند ذلك أخبرنا بقوله: "إن الله لم يجعل لمسخٍ نسلًا".

وقد تقدَّمت النصوص بإباحة أكل الضَّبِّ، وأما الفأر فلا يؤكل، لا لأنه مسخ، بل لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد استخبثه، كما قد استخبث الوزغ، وأمر بقتله، وسَمَّاه: فويسقًا، وإذا ثبت ذلك فقد تناوله قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} الآية [الأعراف: ١٥٧]، فيكون أكْلها حرامًا.

وأما الْهِرُّ: فقد تناوله عموم تحريم كل ذي ناب، فإنَّه من ذوات الأنياب على ما تقدم. وقد جاء فيه حديث صحيح ذكره أبو داود من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: "نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكْل الْهِرِّ، وأكْل ثمنه" (٢)، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٨) - (بَابُ إِبَاحَةِ الْجَرَادِ)

قال في "لسان العرب": "الجراد" معروفٌ، الواحدة جرادة، تقع على الذكر والأنثى، قال الجوهريّ: وليس الجراد بذَكَر للجرادة، وإنما هو اسم للجنس، كالبقر والبقرة، والتمر والتمرة، والحمام والحمامة، وما أشبه ذلك، فحقّ مذكّره أن لا يكون مؤنّثه من لفظه؛ لئلا يلتبس الواحد المذكّر بالجمع. قال أبو عبيد: قيل: هو سِرْوَةٌ، ثم دَبَى، ثم غَوْغَاءُ، ثم خَيْفَانُ، ثم كُتْفان، ثم جَرَادٌ. وقيل: الجراد الذَّكر، والجرادة الأنثى، ومن كلامهم: رأيت جرادًا على جرادة، كقولهم: رأيت نَعامةً على نعامة. قال الفارسيّ: وذلك موضوعٌ على ما


(١) رواه أحمد في "المسند" (١/ ٤٣٣)، ومسلم (٢٦٦٣).
(٢) حديث ضعيف في سنده عمر بن زيد الصنعانيّ، ضعيف، كما في "التقريب".