للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٧) - بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مَا بَاعَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَقَدْ أفلَسَ فَلَهُ الرجُوعُ فِيهِ)

قال الفيّوميّ - رحمه الله -: أفلس الرجل: كأنه صار إلى حالٍ ليس له فلوسٌ، كما يقال: أقهر: إذا صار إلى حال يُقْهَر عليه، وبعضهم يقول: صار ذا فُلُوس، بعد أن كان ذا دراهم، فهو مُفلِس، والجمع مَفَاليسُ، وحقيقته الانتقال من حالة الْيُسْر إلى حالة الْعُسْر، وفَلّسه القاضي تفليسًا: نادَى عليه، وشَهَرَه بين الناس بأنه صار مُفْلسًا، والفَلْسُ: الذي يُتعامَل به، جمْعه في القلّة: أَفْلُس، وفي الكثرة: فُلُوس. انتهى (١).

وقال في "الفتح": الْمُفْلِس شرعًا: من تزيد ديونه على موجوده، سُمّي مُفلِسًا؛ لأنه صار ذا فلوس، بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، إشارة إلى أنه صار لا يملك إلا أدنى الأموال، وهي الفلوس، أو سُمي بذلك؛ لأنه يُمنَع التصرف، إلا في الشيء التافه، كالفلوس؛ لأنهم ما كانوا يتعاملون بها إلا في الأشياء الحقيرة، أو لأنه صار إلى حالة، لا يملك فيها فَلْسًا، فعلى هذا فالهمزة في أفلس للسلب. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله - قوله: "أفلس الرجل": في اللغة: صار ذا فلوس، بعد أن كان ذا دنانير، كما يقال: أخبث الرجل؛ أي: صار أصحابه خُبَثاء، وأقطف الرجل: إذا صارت دابّته قَطُوفًا، والْمُفْلِس في عرف العرب: من لا مال له عينًا، ولا عَرَضًا، ولا غيره، ولذلك قال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه - رضي الله عنهم -: "أتدرون من المفلس؟ "، قالوا ما هو المعروف عندهم، فأجابوه بقولهم: من لا درهم له، ولا متاع، رواه مسلم، وهو في عرف الشرع: عبارة عن مِدْيان، قَصَر ما بيده عن وفاء ما عليه من الديون، فطَلَب الغرماء أخذ ما بيده، وإذا كان كذلك، فللحاكم أن يَحْجُر عليه، ويمنعه من التصرّف فيما بيده، ويحصِّلُهُ، ويجمع الغرماء، فيقسمه عليهم، وهذا مذهب الجمهور، من الصحابة،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٨١.
(٢) "الفتح" ٦/ ٢٠٨.