وَيحْتَمل أن تكون "إن " فيهما بالكسر، وهي شرطيّة، و"يمنحها"، أو "منحها" فعل الشرط، و"خير" خبر لمحذوف مع الفاء الرابطة؛ أي: فهو خير له، والجملة جواب الشرط.
هكذا في بعض النسخ، وفي بعضها:"كتاب المساقاة، والمزارعة"، ولا وجه له، فإن معظم الأحاديث الآتية إلى "كتاب الفرائض" متعلّق بالبيوع، وإنما أدخل أحاديث المساقاة، والمزارعة بينهما؛ لمناسبة رآه، فالمناسب هنا "باب المساقاة … إلخ"، فتأمله، والله تعالى أعلم.
و"المساقاة": مفاعلة من السقي، وهي أن يعامل إنسانًا على شجرة؛ ليتعهّدها بالسقي، والتربية، على أن ما رزق الله تعالى من الثمر يكون بينهما بجزء معيّن، وكذا المزارعة في الأراضي.
وقال القرطبيّ رحمه الله:"المساقاة": مأخوذة من السقي، وأصلها: تعاهد الأشجار بالماء، ثم قد صارت عبارة - بحكم العرف - عن العمل في الأشجار بما يُصلحها من سقي، وإِبَارٍ، وجِدَاد، وغير ذلك من العمل الذي تَصْلُح به الثمرة على جزء مسمى، يأخذه العامل من الثمرة.
وقد اختلف العلماء في حكمها، ومحلها، ووقتها، فأما حكمها: فالجواز عند مالك، والشافعيّ، وابن أبي ليلى، وكثير من الكوفيين، تمسّكًا بهذه الأحاديث المذكورة في هذا الباب، وبقياسها على القِرَاض، وهو متّفقٌ عليه؛ لأنها في معناه، ومنعها أبو حنيفة، وزفر من أصحابه لِمَا فيها من الغرر؛ ولأنها من باب: بيع الثمر قبل طيبه، وهو منهي عنه كما تقدَّم، وحَمَل أحاديث مساقاة خيبر على أن أهلها كانوا عبيدًا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فما أخذ فهو له، وما أبقى فهو له، وهذا بناه على أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فتحها عنوة، وهذا غير مُسَلّم له، فإن خيبر