وَأَنْتَ مُنَانَا أَنْتَ غَايَةُ سُؤْلِنَا … وَأَنْتَ الَّذِي دُنْيَا وَأُخْرَى أَرَدْنَاهُ
إِلَيْكَ شَدَدْنَا الرَّحْلَ نَخْتَرِقُ الْفَلَا … فَكَمْ سُدَّ سَدٌّ فِي سَوَادٍ خَرَقْنَاهُ
كَذَلِكَ مَا زِلْنَا نُحَاوِلُ سَيْرَنَا … نَهَارًا وَلَيْلًا عِيسَنَا مَا أَرَحْنَاهُ
إِلَى أَنْ بَدَا إِحْدَى الْمَعَالِمِ مِنْ مِنَى .. وَهَبَّ نَسِيمٌ بِالْوِصَالِ نَشِقْنَاهُ (١)
وَنَادَى بِنَا حَادِي الْبِشَارَةِ وَالْهَنَا … فَهَذَا الْحِمَى هَذَا ثَرَاهُ غَشِينَاهُ
[رؤية البيت]
وَمَا زَالَ وَفْدُ اللهِ يَقْصِدُ مَكَّةً … إِلَى أَنْ بَدَا الْبَيْتُ الْعَتِيقُ وَرُكْنَاهُ
فَضَجَّتْ ضُيُوفُ اللهِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَا … وَكَبَّرَتِ الْحُجَّاجُ حِينَ رَأَيْنَاهُ
وَقَدْ كَادَتِ الأَرْوَاحُ تَزْهَقُ فَرْحَةً … لِمَا نَحْنُ مِنْ عُظْمِ السُّرُورِ وَجَدْنَاهُ
تُصَافِحُنَا الأَمْلَاكُ مَنْ كَانَ رَاكِبًا … وَتَعْتَنِقُ الْمَاشِي إِذَا تَتَلَقَّاهُ
[طواف القدوم]
فَطُفْنَا بِهِ سَبْعًا رَمَلْنَا ثَلَاثَةً … وَأَرْبَعَةً مَشْيًا كَمَا قَدْ أُمِرْنَاهُ
كَذَلِكَ طَافَ الْهَاشِمِيُّ مُحَمَّدٌ … طَوَافَ قُدُوم مِثْلَ مَا طَافَ طُفْنَاهُ
وَسَالَتْ دُمُوعٌ مِنْ غَمَامِ جُفُونِنَا … عَلَى مَا مَضَى مِنْ إِثْمِ ذَنْب كَسَبْنَاهُ
وَنَحْنُ ضُيُوفُ اللهِ جِئْنَا لِبَيْتِهِ … نُرِيدُ الْقِرَى نَبْغِي مِنَ اللهِ حُسْنَاهُ
فَنَادَى بِنَا أَهْلًا ضُيُوفِي تَبَاشَرُوا … وَقَرُّوا عُيُونًا فَالْحَجِيجَ قَبِلْنَاهُ
غَدًا تَنْظُرُوني فِي جِنَانِ خُلُودِكُمْ … وَذَاكَ قِرَاكُمْ مَعْ نَعِيمٍ ذَخَرْنَاهُ
فَأَيُّ قِرًى يَعْلُو قِرَانَا لِضَيْفِنَا … وَأَيُّ ثَوَابٍ مِثْلَ مَا قَدْ أَثَبْنَاهُ
وَكُلُّ مُسِيءٍ قَدْ أَقَلْنَا عِثَارَهُ … وَلَا وِزْرَ إِلًّا عَنْكُمُ قَدْ وَضَعْنَاهُ
وَلَا نَصَبٌ إِلَّا وِعِنْدِي جَزَاؤُهُ … وَكُلَّ الَّذِي أَنْفَقْتُمُوهُ حَسَبْنَاهُ
سَأُعْطِيكُمُ أَضْعَافَ أَضْعَافِ مِثْلِهِ … فَطِيبُوا نُفُوسًا فَضْلَنَا قَدْ فَضِلْنَاهُ
فَيَا مَرْحَبًا بالْقَادِمِينَ لِبَيْتِنَا … إِلَيَّ حَجَجْتُمْ لَا لِبَيْتٍ بَنَيْنَاهُ
عَلَيَّ الْجَزَا مِنِّي الْمَثُوبَةُ وَالرِّضَى … ثَوَابَكُمُ يَوْمَ الْجَزَا أَتَوَلَّاهُ
(١) وقع في النسخة: "نسقناه"، بالسين المهملة، والظاهر أن الصواب "نَشِقناه" بالشين المعجمة، من باب تعب بمعنى شممناه، فليُحرّر.