للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا يقال: مسلم يكتفي في المعنعن بإمكان اللقاء مع المعاصرة، وهو كذلك هنا؛ لأنا نقول: وجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه كافٍ في دعوى الانقطاع.

وأما الاضطراب فقد رواه أبو إسحاق، وواصل الأحدب، ومعاوية بن قرة، وغيرهم، عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من أهل الكوفة، وأبو بردة كوفيّ فهم أعلم بحديثه من بكير المدنيّ وهم عدد، وهو واحد، وأيضًا فلو كان عند أبي بردة مرفوعًا لم يُفْتِ فيه برأيه بخلاف المرفوع، ولهذا جزم الدارقطنيّ بأن الموقوف هو الصواب. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

فتبيّن بما ذُكر أن هذا الحديث لا يصحّ رفعه، وإنما هو موقوف على أبي بردة من قوله؛ للعلّتين المذكورتين، وهما: الانقطاع بين بُكير وأبيه، ومخالفة بُكير لجماعة الرواة عن أبي بردة، وهم: أبو إسحاق السبيعيّ، وواصل الأحدب، ومعاوية بن قرّة، وغيرهم، كما ذكره الحافظ، وزاد الدارقطنيّ مجالد بن سعيد، فهؤلاء كلهم جعلوه من قول أبي بردة، وهو الصواب.

وبالجملة فالجواب عن المصنّف في إيراده مورد الاحتجاج به هنا صعوبة وأما الجواب الذي ذكره النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فمما لا يخفى ضعفه على من تأمّله، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٧) - (بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ)

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٩٧٦] (٨٥٤) - (وَحَدَّثَنِي (٢) حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا").


(١) "الفتح" ٢/ ٤٨٩.
(٢) وفي نسخة: "حدّثني".