للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن رأيه الذي وافق عليه مشيخة قريش، من رجوعه بالناس، وإنما مراده أنه لَمّا سَمِع الخبر رَجَحَ عنده ما كان عزم عليه من الرجوع، وذلك أنه قال: "إني مُصْبح على ظهر"، فبات على ذلك، ولم يَشْرَع في الرجوع حتى جاء عبد الرحمن بن عوف، فحدَّث بالحديث المرفوع، فوافق رأي عمر الذي رآه، فحصر سالم سبب رجوعه في الحديث؛ لأنه السبب الأقوي، ولم يُرِد نفي السبب الأول، وهو اجتهاد عمر، فكأنه يقول: لولا وجود النصّ لأمكن إذا أصبح أن يتردد في ذلك، أو يرجع عن رأيه، فلما سمع الخبر استمرّ على عزمه الأول، ولولا الخبر لَمَا استمرّ.

فالحاصل: أن عمر أراد بالرجوع ترك الإلقاء إلى التهلكة، فهو كمن أراد الدخول إلى دار، فرأى بها مثلًا حريقًا تعذر طفؤه، فعدل عن دخولها؛ لئلا يصيبه، فعدل عمر لذلك، فلما بلغه الخبر جاء موافقًا لرأيه، فأعجبه، فلأجل ذلك قال من قال: إنما رجع لأجل الحديث، لا لِمَا اقتضاه نَظَره فقط. انتهى (١).

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(١٨) - (بَابُ لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ، وَلَا نَوْءَ، وَلَا غُولَ، وَلَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ)

[٥٧٧٤] (٢٢٢٠) - (حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى -وَاللَّفْظُ لأَبِي الطَّاهِرِ- قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، حِينَ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا عَدْوَي، وَلَا صَفَرَ، وَلَا هَامَةَ"، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا بَالُ الإِبِلِ، تَكُونُ فِي الرَّمْلِ؛ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَجِيءُ الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ، فَيَدْخُلُ فِيهَا، فَيُجْرِبُهَا كُلَّهَا؟ قَالَ: "فَمَنْ أَعْدَى الأوَّلَ؟ ").


(١) "الفتح" ١٣/ ١٤٠ - ١٤١، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٢٩).