للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٨ - (كِتَابُ الآدَابِ)

وقال في "الفتح": الأدب استعمال ما يُحمد قولًا وفعلًا، وعَبَّر بعضهم عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق، وقيل: الوقوف مع المستحسنات، وقيل: هو تعظيم مَن فوقك، والرفق بمن دونك، وقيل: إنه مأخوذ من المأدبة، وهي الدعوة إلى الطعام، سُمّي بذلك؛ لأنه يدعى إليه. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أَدَّبْتُه أَدْبًا، من باب ضرب: عَلمتُه رياضةَ النفس، ومحاسن الأخلاق، قال أبو زيد الأنصاريّ: الأَدَبُ يقع على كلِّ رياضة محمودة، يَتَخَرَّجُ بها الإنسان في فضيلة من الفضائل، وقال الأزهريّ نحوه، فَالأَدَبُ اسم لذلك، والجمع آدَابٌ، مثل سَبَبٍ وأسباب، وأَدَّبْتُه تَأْدِيبًا مبالغةٌ، وتكثيرٌ، ومنه قيل: أَدَّبْتُهُ تَأْدِيبًا: إذا عاقبته على إساءته؛ لأنه سبب يدعو إلى حقيقة الأدب، وأَدَبَ أَدْبًا، من باب ضرب أيضًا: صنع صنيعًا، ودعا الناس إليه، فهو آدِبٌ على فاعل، قال الشاعر، وهو طَرَفَةُ [من الرمل]:

نَحْنُ فِي الْمُشْتَاةِ نَدْعُو الْجَفَلَى … لَا ترَى الآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرُ

أي: لا ترى الداعي يدعو بعضًا دون بعض، بل يُعَمِّمُ بدعواه في زمان القلّة، وذلك غاية الكرم، واسم الصنيع: المَأْدُبَة بضمّ الدال، وفتحها (٢). انتهى (٣).


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٩١، كتاب "الأدب" رقم (٥٩٧٠).
(٢) وجعلها في "التاج" مثلّثة، فقال: والمَأْدُبَةُ بضم الدال المهملة، كما هو المشهور، وصَرَّح بأَفْصَحيَّته ابنُ الأَثِير وغيرُه، وأَجَازَ بعضُهم المَأْدَبَة، بفتحها، وحَكَى ابن جني كَسْرَها أيضًا، فهي مُثَلَّثَةُ الدال، ونصُّوا على أَنَّ الفَتْحَ أَشْهَرُ من الكَسْرِ: كلُّ طَعَام صُنِعَ لِدُعْوَة بالضم، والفتح، أَو عُرْس. انتهى. "تاج العروس" ١/ ٢٧٧.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٩.