٤٦ - (كِتَابُ فضَائِلِ الصَّحَابَةِ -رضي الله عنهم-)
قال الجامع عفا الله عنه: الكتاب الذي قبل هذا هو "كتاب الفضائل"، والمراد به: فضائل الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وهذا "كتاب فضائل الصحابة -رضي الله عنهم-"، وقد تقدّم معنى الفضائل مستوفًى في أول الكتاب الماضي، ولنذكر هنا ما يتعلّق بالصحابة -رضي الله عنهم-، وفيه مسائل:
(المسألة الأولى): في تعريف الصحابيّ:
قال الحافظ -رحمه الله- في "الإصابة": وأصحّ ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابيّ: من لقي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مؤمنًا به، ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه: من طالت مجالسته له، أو قصرت، ومن روى عنه، أو لم يرو، ومن غزا معه، أو لم يغز، ومن رآه رؤية، ولو لم يُجالسه، ومن لم يَرَه لعارض؛ كالعمى.
ويخرج بقيد "الإيمان" من لقيه كافرًا، ولو أسلم بعد ذلك؛ إذا لم يجتمع به مرّةً أخرى.
وقولنا:"به" يُخرج من لقيه مؤمنًا بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة، وهل يدخل من لقيه منهم، وآمن بأنه سيُبعث، أو لا يدخل؟ محلّ احتمال، ومن هؤلاء بَحِير الراهب، ونظراؤه.
ويدخل في قولنا:"مؤمنًا به" كلّ مكلّف من الجنّ والإنس.
وخرج بقولنا:"ومات على الإسلام" من لقيه مؤمنًا به، ثم ارتدّ، ومات على ردّته (١) -والعياذ بالله-.
ويدخل فيه من ارتدّ، وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت، سواء اجتمع
(١) وقد وُجد من ذلك عدد يسير؛ كعبيد الله بن جحش زوج أم حبيبة -رضي الله عنه- قبله -صلى الله عليه وسلم-، تنصّر في الحبشة، ومات هناك؛ وكعبد الله بن خَطَل الذي قُتل وهو متعلّق بأستار الكعبة؛ وكربيعة بن أميّة بن خَلَف. "الإصابة" ١/ ١٥٩.