للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحمد، وترجم عليه ابن حبّان: "الاحتياط أن لا يزيد على أربعة أوسق"، وهذا الذي قاله يتعيّن المصير إليه، وأما جَعْله حَدًّا لا يجوز تجاوزه، فليس بالواضح.

واحتج بعضهم لمالك، بقول سهل بن أبي حثمة: "إن العريّة تكون ثلاثة أوسق، أو أربعة، أو خمسة"، ولا حجة فيه؛ لأنه موقوف.

ومن فروع هذه المسألة: ما لو زاد في صفقة على خمسة أوسق، فان البيع يبطل في الجميع.

وخرّج بعض الشافعية، من جواز تفريق الصفقة، أنه يجوز، وهو بعيد؛ لوضوح الفرق، ولو باع ما دون خمسة أوسق في صفقة، ثم باع مثلها البائع بعينه للمشتري بعينه في صفقة أخرى، جاز عند الشافعية، على الأصح، ومنعه أحمد، وأهل الظاهر، والله أعلم. انتهى (١).

فال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الأصحّ ترجيح عدم الجواز في خمسة أوسق، وإنما يجوز فيما دونها، كما هو مذهب الشافعيّة، والحنبليّة، وأهل الظاهر، وترجيح عدم الجواز أيضًا في أكثر من خمسة أوسق فيما إذا تفرّقت الصفقة، كما هو مذهب الحنبليّة، وأهل الظاهر؛ لقوّة حجته، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(١٥) - (بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْمُزَابَنَةِ) (٢)

وبالسند المتّصل إلى المؤلف رحمهُ اللهُ أوّل الكتاب قال:

[٣٨٨٦] (١٥٤٢) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَة، وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا).


(١) "الفتح" ٥/ ٦٥٩ - ٦٦٠.
(٢) هكذا ترجم القرطبيّ رحمهُ اللهُ في "المفهم"، وهو الأولى، خلاف صنيع النوويّ ومن تبعه، فإنهم أدخلوا هذه الأحاديث تحت ترجمة "باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا"، فتنبّه.