وقوله: (فَانْطَلَقَ فِي الْحَرَّةِ) أي: ذهب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، في الحرّة؛ أي: الأرض الملبَّسة حجارةً سوداء.
وقوله: (فَلَبِثَ عَنِّي) من باب تَعِبَ: أي: تأخّر عن المجيء إليّ.
وقوله: (يَرْجعُ إِلَيْكَ شَيْئاً) أي: يردّ عليك، ويُجيبك في كلامك.
وقوله: (عَرَضَ لي) من باب ضرب: أي: ظهر لي.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(١٠) - (بَاب فِي الْكَنَّازِينَ لِلأموَالِ، وَالتَّغْلِيظِ عَلَيْهِمْ)
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رحمه الله- المذكور أولَ الكتاب قال:
[٢٣٠٦] (٩٩٢) - (وَحَدَّثَني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَبَيْنَا أنَا فِي حَلْقَةٍ فِيهَا مَلَأٌ مِنْ قُرَيْشٍ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ أَخْشَنُ الثِّيَابِ، أَخْشَنُ الْجَسَدِ، أَخْشَنُ الْوَجْهِ، فَقَامَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ، يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كتِفَيْهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كتِفَيْهِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حلَمَةِ ثَدْيَيْهِ، يَتَزَلْزَلُ، قَالَ: فَوَضَعَ الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنْهُمْ رَجَعَ إِلَيْهِ شَيْئاً، قَالَ: فَأدْبَرَ، وَاتَبَعْتُهُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ إِلَّا كَرِهُوا مَا قُلْتَ لَهُمْ، قَالَ (١): إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً، إِنَّ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - دَعَانِي فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: "أترَى أُحُداً؟ " فَنَظَرْتُ مَا عَلَى مِنَ الشَّمْسِ، وَأنَا أَظُن أنهُ يَبْعَثُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَقُلْتُ: أَرَاهُ، فَقَالَ: "مَا يَسُرنِي أَن لِي مِثْلَهُ ذَهَباً، أنفِقُهُ كُلهُ، إِلا ثَلَاَثةَ دَنَانِيرَ"، ثُمَّ هَؤُلَاءِ
(١) وفي نسخة: "فقال".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute