للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مطلقًا، وظاهرُ هذه نفي اجتماع مخصوص، فتعارض الظاهران، ووجهُ الجمع حملُ المطلق على المقيَّد، بمعنى: أنَّ من قتَل كافرًا ثمَّ مات مرتكبَ كبيرةِ، غير تائبٍ منها، فامرُه إلى الله تعالى؛ إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه بها، وأُدخل النار، ثم إن أُدخل النار فإنما يدخل حيث يدخلُ المؤمنون المذنبون، لا حيث يدخل الكافرون، فلا يجتمعُ ذلك المؤمنُ مع مقتوله الكافر أبدًا، ولا يلقاه حتى يخاصمه، كما قد جاء: أن بعضَ الكفار يجتمعُ ببعض المؤمنين في النار، فيقولون لهم: ما أغنى عنكم إيمانكم ولا عبادتكم؛ إذ أنتم معنا، فيضجُّ المؤمنون إلى الله تعالى حتى يخرجوا، فإذا خرجوا، وتفقّدهم الكافرون، فلم يروهم، قال بعضُهم لبعضِ: {مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (٦٢) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} [ص: ٦٢، ٦٣]. وقيل في الآية غير هذا، والله تعالى أعلم.

(قِيلَ) قال صاحب "التنبيه": لا أعرف القائل (١). (مَنْ هُمْ) هكذا بضمير الجمع، مع مرجعه مثنّى، وقد سبق أن إطلاق ضمير الجمع على الاثنين جائز لغةً، وهو القول الراجح، كما حقّقته في "التحفة المرضيّة"، و"شرحها" في الأصول، قال الله تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الأنبياء: ٧٨] بعد قوله: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} الآية [الأنبياء: ٧٨]. (يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافرًا، ثُمَّ سَدَّدَ" أي: استقام على طريق الهدى.

والحديث من أفراد المصنّف، وقد مضى تمام البحث فيه في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٣٧) - (بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَتَضْعِيفِهَا)

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٤٨٨٩] (١٨٩٢) - (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: جَاءَ


(١) "تنبيه المعلم" ص ٣٢٧.