للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كذلك، إذ خرج علينا ثلاثون شابًّا عليهم السلاح، فثاروا في وجوهنا، فدعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ الله تعالى بأسماعهم، فقمنا إليهم، فأخذناهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل جئتم في عهد أحد، أو هل جعل لكم أحد أمانًا؟ " فقالوا: لا، فخلّى سبيلهم، فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} "الآية (١).

وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة قال: ذُكِر لنا أن رجلًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقال له: زُنَيم (٢) اطّلع الثنية زمان الحديبية، فرماه المشركون، فقتلوه، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا، فأتوا باثني عشر فارسًا، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل لكم عهد، أو ذمّة؟ قالوا: لا، فأرسلهم، فأنزل الله في ذلك: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} الآية.

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن هذه الأخبار لا تتعارض؛ لإمكان الجمع بكون الآية نزلت فيها كلّها؛ لأنها وقائع متقاربة، فلا يُستبعد نزولها شاملةً لها كلّها، فتاملها بالإمعان، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)}.

(٤٥) - (بَابُ غَزْوَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ)

وبالسند المتصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٤٦٧٢]، (١٨٠٩) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَن أمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا، فَكَانَ مَعَهَا، فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هذِهِ أمُّ سُلَيْم، مَعَهَا خَنْجَرٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا هَذَا الْخَنْجَرُ؟ قَالَت: اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاء، انْهَزَمُوا بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يا أُمَّ سُلَيْمٍ، إِنَّ اللهَ قَدْ كفَى، وَأَحْسَنَ").


(١) "تفسير ابن كثير" ٤/ ١٩٢ - ١٩٣.
(٢) تقدّم أنه ابن زُنيم، ولعله ممن اختُلف في اسمه، والله تعالى أعلم.