للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة"، مشتقًّا من كتاب الله - عز وجل - ومفسّرًا له، وبيانًا لمراد المتكلّم به منه، فقد تبيّن اتحاد قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكتاب الله - عز وجل -، والميزان العادل معهما أيضًا، لا يُخالفهما، فإن النفقة إنما تكون للزوجة، فإذا بانت منه صارت أجنبيّة حكمها حكم سائر الأجنبيّات، ولم يبق إلا مجرّد اعتدادها منه، وذلك لا يوجب لها نفقة، كالموطوءة بشبهة، أو زنى، ولأن النفقة إنما تجب في مقابلة التمكن من الاستمتاع، وهذا لا يمكن استمتاعه بها بعد بينونتها، ولأن النفقة لو وجبت لها عليه لأجل عدّتها، لوجبت للمتوفّى عنها من ماله، ولا فرق بينهما البتّة، فإن كلّ واحدة منهما قد بانت عنه، وهي معتدّةٌ منه، قد تعذّر منهما الاستمتاع، ولأنها لو وجبت لها السكنى، لوجبت لها النفقة، كما يقوله من يوجبها، فأما أن تجب لها السكنى دون النفقة، فالنصّ، والقياس يدفعه.

ثمَّ قال رحمه الله تعالى:

[ذكر المطاعن التي طُعن بها على حديث فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - قديمًا وحديثًا]:

(فأولها): طعن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه -، فروى مسلم في "صحيحه" عن أبي إسحاق، قال: كنت مع الأسود بن يزيد، جالسًا، في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدّث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يجعل لها سكنى ولا نفقة، ثمَّ أخذ الأسود كَفًّا من حصى، فحصبه به، فقال: ويلك تُحدّث بمثل هذا؟ قال عمر: لا نترك كتاب الله وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأة، لا ندري لعلها حفظت، أو نسيت، لها السكنى والنفقة، قال الله - عز وجل -: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١].

قالوا: فهذا خبر عمر يُخبر أن سنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لها النفقة والسكنى، ولا ريب أن هذا مرفوع، فإن الصحابيّ إذا قال: "من السنة كذا"، كان مرفوعًا، فكيف إذا قال: "من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "؟، فكيف إذا كان القائل عمر بن الخطّاب؟ وإذا تعارضت رواية عمر - رضي الله عنه -، ورواية فاطمة، فرواية عمر