(اعلم): أن "الحكم" - بضمّ، فسكون -: القضاء، وأصله: المنع، يقال: حكمتُ عليه بكذا: إذا منعته من خلافه، فلم يَقدِر على الخروج من ذلك، وحكمتُ بين القوم: فَصَلت بينهم، فأنا حاكمٌ، وحَكَم - بفتحتين -، والجمع: حُكّام، وحُكّامون، أفاده في "المصباح".
وقال في "الفتح": الحكم الشرعيّ عند الأصوليين: خطاب الله تعالى المتعلّق بأفعال المكلّفين بالاقتضاء، أو التخيير، ومادّة الحُكْم من الإحكام، وهو الإتقان للشيء، ومَنْعه من العيب. انتهى.
وقد ترجم الإمام البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه"، فقال:"باب أجر الحاكم، إذا اجتهد فأصاب، أو أخطأ".
قال في "الفتح": يشير به إلى أنه لا يلزم مِنْ ردّ حكمه، أو فتواه إذا اجتهد فأخطأ، أن يأثم بذلك، بل إذا بذل وسعه أُجِر، فإن أصاب ضوعف أجره، لكن لو أقدم فحكم، أو أفتى بغير علم، لَحِقه الإثم، كما تقدمت الإشارة إليه. قال ابن المنذر: وإنما يؤجر الحاكم إذا أخطأ، إذا كان عالمًا بالاجتهاد فاجتهد، وأما إذا لَمْ يكن عالمًا فلا، واستدَلّ بحديث:"القضاة ثلاثة" وفيه: "وقاضٍ قضى بغير حق فهو في النار، وقاض قضي، وهو لا يعلم فهو في النار"، وهو حديث أخرجه أصحاب "السنن"، عن بريدة - رضي الله عنه - بألفاظ مختلفة، قال الحافظ: وقد جمعت طرقه في جزء مفرد، ويؤيد حديث الباب ما وقع في قصة سليمان في حُكم داود - عليهما الصلاة والسلام - في أصحاب الحرث.
وقال الخطابي في "معالم السنن": إنما يؤجَر المجتهد إذا كان جامعًا لآلة الاجتهاد، فهو الذي نعذره بالخطإ، بخلاف المتكلف فيُخاف عليه الإثم، وإنما يؤجر العالم؛ لأنَّ اجتهاده في طلب الحق عبادة، هذا إذا أصاب، وأما إذا أخطأ فلا يؤجر على الخطإ، بل يوضع عنه الإثم فقط، كذا قال، وكأنه يرى