للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٧) - (بَابُ التَّيَمُّمِ)

قال الجامع عفا الله عنه: في هذه الترجمة مسائل:

(المسألة الأولى): في معنى التيمّم لغة وشرعًا:

"التيمّم": في اللغة: هو القصدُ، قال الأزهريّ: التيمّم في كلام العرب القصد، يقال: تيمّمتُ فلانًا، ويَمّمته، وتأمّمته، وأمّمته: أي قصدته. انتهى. قاله النوويّ (١).

وقال في "الفتح": التيمّم في اللغة: القصد، قال امرؤ القيس:

تَيَمَّمْتُهَا مِنْ أَذْرِعَاتٍ وَأَهْلُهَا … بِيَثْرِبَ أَدْنَى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِي

أي قصدتها.

وفي الشرع: القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين بنيّة استباحة الصلاة ونحوها، وقال ابن السِّكِّيت: قوله: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [النساء: ٤٣] أي اقصدوا الصعيد، ثم كثر استعمالهم حتى صار التيمّم مسح الوجه واليدين بالتراب. انتهى. فعلى هذا هو مجاز لغويّ، وعلى الأول هو حقيقة شرعيّة، واختُلف في التيمّم، هل هو عزيمة أو رخصةٌ؟ وفصّل بعضهم، فقال: هو لعدم الماء عزيمة، وللعذر رخصة. انتهى (٢).

وقال في "العمدة": "التيمم" مصدر تيمم تيممًا، من باب التفَعُّل، وأصله من الأَمّ، وهو القصد، يقال: أَمَّهُ يؤُمُّه أَمًّا: إذا قصده، وذكر أبو محمد في كتابه "الواعي": يقال: أَمَّ، وتَأَمَّم، ويَمَّمَ، وتَيَمَّمَ بمعنى واحد، والتيمم أصله من ذلك؛ لأنه يقصد التراب، فيتمسح به، وفي "الجامع" عن الخليل: التيمم يَجري مجرى التَّوَخِّي، تقول: تَيَمَّمْ أطيب ما عندك، فَأَطْعِمنا منه؛ أي تَوَخَّهُ، وأجاز أن يكون التيمم الْعَمْدَ والْقَصْدَ، وهذا الاسم كَثُر حتى صار اسمًا للتمسح بالتراب، قال الفراء: ولم أسمع يَمَمْتُ بالتخفيف، وفي "التهذيب" لأبي منصور: التيمم: التعمُّد، وهو ما ذكره البخاريّ في "التفسير" في "سورة


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٥٦.
(٢) "الفتح" ١/ ٥١٤ - ٥١٥.