للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

آخرها فإنَّه لم يقل أحد: إن صلاة الرجل في آخر صف حرام، ولا صلاة النساء في أول صف حرام، وإنَّما ذلك من باب ترك الأولى، كما قد يقال عليه: مكروه، وإن لم يكن مطلوب الترك، على ما يُعْرَف في الأصول، فإذًا الشرُّ المذكور هنا: قلَّةُ الثواب والأجر، والخير: كثرة الثواب والأجر، ولذلك كره العلماء اختصاص الأغنياء بالدَّعوة.

ثم اختلفوا فيمن فعل ذلك: هل تجاب دعوته أم لا؟ فقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: لا تجاب، ونحوه يحيى بنُ حبيب من أصحابنا، وظاهر كلام أبي هريرة وجوب الإجابة، ودعا ابن عمر في وليمةٍ الأغنياء والفقراء، فأجلس الفقراء على حِدَة؛ وقال: ها هنا، لا تفسدوا عليهم ثيابهم، فإنا سنطعمكم مما يأكلون.

ومقصود هذا الحديث: الحضُّ على دعوة الفقراء، والضعفاء، ولا تُقصر الدعوة على الأغنياء، كما يفعل مَنْ لا مبالاة عنده بالفقراء من أهل الدنيا، والله أعلم. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}

(١٨) - (بَابُ لَا تَحِلُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِمُطَلِّقِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَيَطَأَهَا، ثُمَّ يُفَارِقَهَا، وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا)

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٥٢٦] (١٤٣٣) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَن الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَت امْرَأَةُ رِفَاعَةَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ، فَطَلَّقَنِي، فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزّبِيرِ، وإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟، لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ،


(١) "المفهم" ٤/ ١٥٥ - ١٥٦.