للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى الإتيان، والغنيّ يأبى؛ لعدم حاجته إلى الأكل، وربما أتى، ولم يأكل (١).

والحديث من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

[تنبيه]: زاد أبو عوانة في "مسنده" (٣/ ٦٤) بعد إخراج الحديث من طريق الحميديّ، عن سفيان بن عيينة ما نصّه: قال الحميديّ: ثنا سفيان، ثنا زياد، قال: قلت لثابت الأعرج: من أين سمعت من أبي هريرة؟ فقال: كان مَوَالِيَّ يبعثوني يوم الجمعة آخذُ لهم مكانًا عند المنبر، فكان أبو هريرة يجيء قبل الصلاة، فيُحَدِّث الناس، فكنت أسمع، فقال أحمد بن حنبل: ما أرى بحديثه بأسً (٢) يعني ثابتً، وهو ابن عياض، ويحدّث عنه عبيد الله، ومالك، وزياد. انتهى.

[تنبيهٌ آخر]: قال القرطبيّ - رحمه الله -: أكثرُ الرواة والأئمة على رواية هذا الحديث موقوفًا على أبي هريرة، وقد انفرد برفعه زياد بن سعد، عن الأعرج (٣)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "شرُّ الطَّعام. . ." وذكره، وهو ثقة إمام، وأيضًا فمن وقفه ذكر فيه ما يدلُّ: على أنه مرفوع؛ وذلك أنه قال فيه: "ومن لم يجب الدَّعوة فقد عصى الله ورسوله"، وظاهر هذا: الرفعُ؛ لأنَّ الرَّاوي لا يقول مثل هذا من قِبَل نفسه، وقد بيّن في سياق الحديث أنَّ الجهة التي يكون فيها طعام الوليمة شرُّ الطعام: إنما هي ترك الأَوْلى، وذلك أن الفقير هو المحتاج للطعام؛ الذي إن دُعي سارعَ وبادرَ، ومع ذلك فلا يُدْعَى، والغنيُّ غير محتاج، ولذلك قد لا يجيب، أو تثقل عليه الإجابة، ومع ذلك فهو يدعى، فكان العكس أولى، وهو: أن يُدعى الفقير، ويُترك الغنيّ، ولا يُفهم من هذا القول - أعني: الحديث -: تحريم ذلك الفعل؛ لأنه لا يقول أحد بتحريم إجابة الدعاء للوليمة فيما علمته؛ وإنما هذا مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "شرُّ صفوف الرِّجال آخرها، وخيرها أولها، وشرُّ صفوف النساء أولها، وخيرها


(١) "شرح الأبيّ" ٤/ ٥٦.
(٢) كذا هو في النسخة، وهو منصوب، لكنه كُتب بصورتي المرفوع والمجرور، وهو لغة ربيعة، ومثله قوله بعده: "يعني ثابت"، فتنبّه.
(٣) أراد ثابتًا الأعرج، لا عبد الرحمن الأعرج، كما في الروايات السابقة، فتنبّه.