فَيَا صَاحِبِي مَنْ مِثْلُنَا فِي مَقَامِنَا … وَمَنْ ذَا الَّذِي قَدْ نَالَ مَا نَحْنُ نِلْنَاهُ
عَلَى عَرَفَاتٍ قَدْ وَقَفْنَا بِمَوْقِفٍ … بِهِ الذَّنْبُ مَغْفُورٌ وَفِيهِ مَحَوْنَاهُ
وَقَدْ أَقْبَلَ الْبَارِي عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ … وَقَالَ ابْشِرُوا (١) فَالْعَفْوَ فِيكُمْ نَشَرْنَاهُ
وَعَنْكُمْ ضَمِنَّا كُلَّ تَبِعَةٍ جَرَتْ … عَلَيْكُمْ وَأَمَّا حَقُّنَا فَوَهَبْنَاهُ
أَقَلْنَاكُمُ مِنْ كُلِّ مَا قَدْ جَنَيْتُمُ … وَمَا كَانَ مِنْ عُذْرٍ لَدَيْنَا عَذَرْنَاهُ
فَيَا مَنْ أَسَا يَا مَنْ عَصَى لَوْ رَأَيْتَنَا … وَأَوْزَارُنَا تُرْمَى وَيَرْحَمُنَا اللهُ
وَدِدْتَ بِأَنْ لَوْ كُنْتَ بَيْنَ رِحَالِنَا … وَتَرْجُو رَحِيمًا كُلُّنَا يَتَرَجَّاهُ
وَقَفْنَا لَدَيْهِ تَائِبِينَ مِنَ الْخَطَا … وَغُفْرَانَنَا مِنْ رَبِّنَا قَدْ طَلَبْنَاهُ
أُمِرْنَا بحُسْنِ الظَّنِّ وَاللهُ حَثَّنَا … عَلَيْهِ وَهَذَا فِي الْحَدِيثِ رَوينَاهُ
عَلَيْهِ اتَّكَلْنَا وَاطْمَأَنَّتْ قُلُوبُنَا … لِمَا عِنْدَهُ مِنْ وُسْع عَفْوٍ عَرَفْنَاهُ
فَطُوبَى لِمَنْ ذَاكَ الْمُقَامُ مُقَامُهُ … وَبُشْرَاهُ فِي يَوْمِ التَّغَابُنِ بُشْرَاهُ
تَرَى مَوْقِفًا فِيهِ الْخَزَائِنُ فُتِّحَتْ … وَأوْلَى عَلَيْنَا اللهُ مِنْهُ عَطَايَاهُ
فَصَالَحَ مَهْجُورًا وَأَقْرَبَ مُبْعَدًا … وَذَاكَ مَقَامُ الصُّلْحِ لِلصُّلْحِ قُمْنَاهُ
وَدَارَ عَلَيْنَا الْكَأسُ بِالْفَضْلِ وَالرِّضَا … سُقِينَا شَرَابًا مِثْلَهُ مَا سُقِينَاهُ
فَإِنْ شِئْتَ تُسْقَى مَا سُقِينَا عَلَى الْحِمَى … فَخَلِّ الْوَنَى وَاقْصِدْ مَقَامًا قَصَدْنَاهُ
وَفِيهِ بَسَطْنَا لِلرَّحِيلِ كُفُوفَنَا … فَقَالَ كُفِيتُمْ عَفْوُنَا قَدْ بَسَطْنَاهُ
وَأَعْتَقَنَا كُلًّا وَأَهْدَرَ مَا مَضَى … وَقَالَ لَنَا كُلُّ الْعِتَابِ طَوَيْنَاهُ
ذكرُ خِزْي إبليس اللعين
فَإِبْلِيسُ مَغْمُومٌ لِكَثْرَةِ مَا يَرَى … مِنَ الْعِتْقِ مَحْقُورًا ذَلِيلًا دَحَرْنَاهُ
عَلَى رَأسِهِ يَحْثُو التُّرَابَ مُنَادِيًا … بِأَعْوَانِهِ ويلَاهُ ذَا الْيَوْمَ ويلَاهُ
وَأَظْهَرَ مِنَّا حَسْرَةً وَنَدَامَةً … وَكُلُّ بِنَاءٍ قَدْ بَنَاهُ هَدَمْنَاهُ
تَرَكْنَاهُ يَبْكِي بَعْدَ مَا كَانَ ضَاحِكًا … فَكَمْ مُذْنِبٍ مِنْ كَفِّهِ قَدْ سَلَلْنَاهُ
وَكَمْ أَمَلٍ نِلْنَاهُ يَوْمَ وُقُوفِنَا … وَكَمْ مِنْ أَسِيرٍ لِلْمَعَاصِي فَكَكْنَاهُ
وَكَمْ قَدْ رَفَعْنَا لِلإِلَاهِ مَطَالِبًا … وَلَا أَحَدًا مِمَّنْ نُحِبُّ نَسِينَاهُ
(١) من بابي علم وضرب، كما في "القاموس".