للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الضحى، قال: فسألناه عن صلاتهم، فقال: بدعةٌ، ثم قلنا له: كم اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أربعًا، إحداهن في رجب، فكرهنا أن نردّ عليه، قال: وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة، فقال عروة: يا أمّه، أو يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عُمَر، إحداهنّ في رجب، قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرةً قط إلا وهو شاهدٌ، وما اعتمر في رجب قطّ، وكذلك قال أنس، وابن عباس: إن عُمَرَه كلها كانت في ذي القعدة، وهذا هو الصواب.

[فصل]

وأما من قال: اعتمر في شوال، فعذره ما رواه مالك في "الموطإ"، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر إلا ثلاثًا، إحداهن في شوال، واثنتين في ذي القعدة، ولكن هذا الحديث مرسلٌ، وهو غلطٌ أيضًا، إما من هشام، وإما من عروة، أصابه فيه ما أصاب ابن عمر، وقد رواه أبو داود مرفوعًا، عن عائشة، وهو غلطٌ أيضًا، لا يصح رفعه، قال ابن عبد البر: وليس روايته مسندًا مما يُذْكَر عن مالك في صحة النقل.

قال ابن القيّم: ويدلّ على بطلانه عن عائشة، أن عائشة، وابن عباس، وأنس بن مالك، قالوا: لم يعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في ذي القعدة، وهذا هو الصواب، فإن عمرة الحديبية، وعمرة القضيّة كانتا في ذي القعدة، وعمرة القران إنما كانت في ذي القعدة، وعمرة الجعرانة أيضًا كانت في أول ذي القعدة، وإنما وقع الاشتباه أنه خرج من مكة في شوال للقاء العدوّ، وفرغ من عدوه، وقسم غنائمهم، ودخل مكة ليلًا معتمرًا من الجعرانة، وخرج منها ليلًا، فخفيت عمرته هذه على كثير من الناس، وكذلك قال مُحَرِّشٌ الكعبيّ - رضي الله عنه -، والله أعلم.

[فصل]

قال ابن القيّم رحمه الله: وأما من ظَنَّ أنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمر من التنعيم بعد الحجّ فلا أعلم له عذرًا، فإن هذا خلاف المعلوم المستفيض من حجته، ولم ينقله أحد قطّ، ولا قاله إمام، ولعل ظانّ هذا سمع أنه أفرد الحجّ، ورأى أن كل من أفرد