أنه من خماسيّات المصنّف، وله فيه ستة من الشيوخ قرن بين خمسة منهم؛ لاتّحاد كيفيّة التحمّل والأداء، وأفرد السادس؛ لمخالفته لهم في كيفيّة التحمّل، والأداء.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ)؛ أي: جزء منه؛ لِمَا فيه من التعب، ومعاناة الريح، والشمس، والبرد، والخوف، والخطر، وأكل الْخَشِن، وقلة الماء، والزاد، وفراق الأحبة، ولا يناقضه خبر: "سافروا تغنموا"؛ إذ لا يلزم من الغُنْم بالسفر أن لا يكون من العذاب؛ لِمَا فيه من المشقة، وقيل: السَّفَر سَقَر، وقيل فيه:
وقوله:(يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ) جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا لسؤال مقدَّر، تقديره: لِمَ كان ذلك؟ فقال: يمنع أحدكم، وقال في "الفتح": قوله: "يمنع أحدكم" كأنه فَصَله عما قبله بيانًا لذلك بطريق الاستئناف، كالجواب لمن قال: لِمَ كان كذلك؟ فقال: يمنع أحدكم نومه إلخ؛ أي: وجْهُ التشبيه الاشتمال على المشقّة، وقد ورد التعليل في رواية سعيد المقبريّ، ولفظه: "السفر قطعة من العذاب؛ لأن الرجل يشتغل فيه عن صلاته، وصيامه"، فذكر الحديث، والمراد بالمنع في الأشياء المذكورة: منعُ كمالها، لا أصلها، وقد وقع عند الطبرانيّ بلفظ: "لا يهنأ أحدكم بنومه، ولا طعامه، ولا شرابه"، وفي حديث ابن عمر عند ابن عديّ: "وأنه ليس له دواء إلا سرعة السير". انتهى (١).
(نَوْمَهُ، وَطَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ) قال النوويّ - رحمه الله -: معناه: يمنعه كمالَها، ولذيذَها؛ لِمَا فيه من المشقّة، والتعَب، ومقاساة الحرّ والبرد، والسُّرَى،