للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من الحبشة وغيرها، وكان الناس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة، متفق عليه.

ورَوَى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذا أُتي بطعام، سأل عنه أهدية أم صدقة؟ فإن قيل: صدقة، قال لأصحابه: كلوا، ولم يأكل، وإن قيل: هدية ضرب بيده، وأكل معهم.

وفي حديث سلمان - رضي الله عنه -، حين جاء إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بتمر، فقال: هذا شيء من الصدقة، رأيتك أنت وأصحابك أحق الناس به، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "كلوا" ولم يأكل، ثم أتاه ثانية بتمر، فقال: رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذا شيء أهديته لك، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "بسم الله"، وأكل، ولم يُنقل قبول، ولا أمر بإيجاب، وإنما سأل ليَعلَم هل هو صدقة، أو هدية؟ وفي أكثر الأخبار لم ينقل إيجاب، ولا قبول، وليس إلا المعاطاة، والتفرقُ عن تراض يدل على صحته، ولو كان الإيجاب والقبول شرطًا في هذه العقود، لشقّ ذلك، ولكانت أكثر عقود المسلمين فاسدة، وأكثر أموالهم محرمة، ولأن الإيجاب والقبول، إنما يرادان للدلالة على التراضي، فإذا وُجد ما يدل عليه، من المساومة، والتعاطي، قام مقامهما، وأجزأ عنهما؛ لعدم التعبد فيه. انتهى كلام ابن قُدامة - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي حقّقه العلّامة ابن قُدامة - رحمه الله -، من عدم اشتراط الإيجاب والقبول في العقود؛ كالبيع، والهبة، والصدقة، ونحوها؛ لعدم ثبوته عن الشارع الحكيم هو الحقّ، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم بالصواب.

(١) - (بَابُ إِبْطَالِ بَيْعِ الْمُلَامَسَة، وَالْمُنَابَذَةِ)

وبالسند المتّصل الى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٣٧٩٦] (١٥١١) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِي، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُلَامَسَة، وَالْمُنَابَذَةِ").


(١) "المغني" لابن قدامة ٤/ ٤ - ٥.