والباقون تقدّموا في الأبواب الثلاثة الماضية، و"إسماعيل بن إبراهيم" هو: ابن عليّة، و"أيّوب" هو: السَّخْتيانيّ.
[[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد]
أنه من خماسيّات المصنّف، وأنه مسلسل بالبصريين، غير شيوخه، فبغداديّون، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أنس - رضي الله عنه - خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن المكثرين السبعة، روى (٢٢٨٦) حديثًا، وهو آخر من مات من الصحابة - رضي الله عنهم - بالبصرة، وقد جاوز عمره مائة.
شرح الحديث:
(عَنْ أَنَسٍ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ) ظرف لـ "قال"؛ أي: قال هذا القول في يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، ("مَنْ) شرطيّة، (كَانَ) زائدة للتوكيد، كما قال في "الخلاصة":
(ذَبَحَ) أضحيّته (قَبْلَ الصَّلَاةِ)؛ أي: صلاة العيد، (فَلْيُعِدْ") بضمّ حرف المضارعة، من الإعادة، وهو فعل مضارع، مجزوم بلام الأمر، وقد استدلّ به من قال بوجوب الأضحيّة؛ لكونه أمرًا، والمختار أنها مستحبّة، والمراد به هنا بيان أن سنّة الأضحية لا تتأدّى بالأُولى، بل يُحتاج إلى فعلها مرّةً أخرى، فالأمر بالإعادة؛ لتحصيل السُّنَّة، لا غير، وتقدّم البحث في هذا مستوفًى، فلا تغفُل.
(فَقَامَ رَجُلٌ) يَحْتَمِل أن يكون هو أبا بُردة بن نيار المذكور سابقًا، (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ) ببناء الفعل للمفعول، (وَذَكَرَ) الرجل (هَنَةً مِنْ جِيرَانِهِ)"الْهَنَةُ" - بفتحتين - تأنيث هَنٍ، وهو كناية عن كلّ اسم جنس، وهذا معنى قول من قال: يُعبَّر بها عن كلّ شيء، والمراد به هنا: الحاجة؛ أي: فذكر أنهم فقراء محتاجون إلى اللحم، (كَأَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَدَّقَهُ)؛ أي: صدّق ذلك الرجل فيما ذكره من حاجة جيرانه، وفي رواية البخاريّ:"فكأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عَذَره"، وهو - بتخفيف الذال المعجمة - من العذر؛ أي: قَبِلَ عذره، ولكن لم يجعل ما فعله كافيًا، ولذلك أمَرَه بالإعادة.