للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: فيه دليلٌ على أن المأمورات إذا وقعت على خلاف مقتضى الأمر، لم يُعذر بالجهل، والفرق بين المأمورات والمنهيّات، أن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها، وذلك لا يحصُل إلا بالفعل، والمقصود من المنهيّات الكفّ عنها بسبب مفاسدها، ومع الجهل والنسيان، لم يقصد المكلّف فعلها، فيُعذَرُ، ذكره في "الفتح" (١).

(قَالَ) ذلك الرجل لَمّا علم أن ذبحه غير مجزئ: (وَعِنْدِي جَذَعَةٌ، هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ) لِكِبَرها، وسِمَنها، (أفَأَذْبَحُهَا؟ قَالَ) أنس (فَرَخَّصَ لَهُ)؛ أي: سهّل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأذن له أن يُضحّي بها، (فَقَالَ) أنس (لَا أَدْرِي)؛ أي: لا أعلم (أَبَلَغَتْ رُخْصَتُهُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لَا؟) قال النوويّ - رحمه الله -: هذا الشكّ بالنسبة إلى عِلم أنس - رضي الله عنه -، وقد صرّح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في حديث البراء - رضي الله عنه - السابق بأنها لا تبلغ غيره، ولا تجزئ أحدًا بعده. انتهى (٢).

(قَالَ) أنس (وَانْكَفَأَ) بالهمز؛ أي: مال، وانعطف (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى كَبْشَيْنِ، فَذَبَحَهُمَا) "الكبشان": تثنية كَبْش - بفتح، فسكون -: هو الْحَمَل إذا أثنى، أو إذا خرجت رَبَاعيته، جمعه أَكْبُشٌ، وكِباشٌ، وأَكْباشٌ (٣).

(فَقَامَ النَّاسُ إِلَى غُنَيْمَةٍ) تصغير غَنَم، (فَتَوَزَّعُوهَا)؛ أي: اقتسموها، (أَوْ قَالَ: فَتَجَزَّعُوهَا) "أو" للشك من الراوي في أيّ اللفظتين قاله، وهما بمعنى واحد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٥٠٧١ و ٥٠٧٢ و ٥٠٧٣] (١٩٦٢)، و (البخاريّ) في "العيدين" (٩٥٤ و ٩٨٤) وفي "الأضاحي" (٥٥٤٦ و ٥٥٤٩ و ٥٥٦١ و ٥٥٤)، و (النسائيّ) في "كتاب العيدين" (١٥٨٧ و ٤٣٨٧ و ٤٣٨٩


(١) "الفتح" ١٢/ ٥٧٠ - ٥٧١، كتاب "الأضاحي" رقم (٥٥٦١).
(٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ١١٦.
(٣) "القاموس المحيط" ص ١١١١.