للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣) - (بَابُ نِكَاحٍ الْمُتْعَةِ، وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ، ثُمَّ نُسِخَ، ثُمَّ أُبِيحَ، ثُمَّ نُسِخَ، وَاسْتَقَرَّ تَحْرِيمُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)

(اعلم): أن "الْمُتْعَةَ"- بضمّ الميم، وسكون المثناة الفوقانيّة -: هي النكاح إلى أجل معيّن، وهو من التمتّع بالشيء، وهو الانتفاع به، يقال: تمتّعتُ به أَتَمَتَّعُ تمتّعًا، والاسم الْمُتْعة، كأنه يَنتَفِع بها إلى أمد معلوم. وقد كان مباحًا في أول الإسلام، ثم حرّم، وهو الآن جائزٌ عند الشيعة. قاله ابن الأثير - رحمه الله - (١).

وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: نكاح المتعة: هو المؤقّت في العقد، وقال في العُبَاب: كان الرجل يُشارط المرأة شرطًا على شيء إلى أجل معلوم، ويُعطيها ذلك، فيستحلّ بذلك فرجها، ثم يُخلي سبيلها من غير تزويج، ولا طلاق. انتهى (٢).

وقال ابن منظور - رحمه الله -: والمتعة: التمتّع بالمرأة، لا تريد إدامتها لنفسك، ومتعة التزويج بمكة منه.

وأما قول الله تعالى في "سورة النساء" بعقب ما حُرّم من النساء، فقال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: ٢٤] أي: عاقدي النكاح الحلال، غير زُناة {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: ٢٤]، فإن الزّجّاج ذكر أن هذه الآية غلِطَ فيها قومٌ غَلَطًا عظيمًا لجهلهم باللغة، وذلك أنهم ذهبوا إلى قوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} [النساء: ٢٤] من المتعة التي قد أَجْمَع أهل العلم أنها حرامٌ، وإنما معنى {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} [النساء: ٢٤]، فما نكحتم منهنّ على الشريطة التي جرى في الآية أنه الإحصان أن تبتغوا بأموالكم محصنين؛ أي: عاقدين التزوبج؛ أي: فما استمتعتم به منهنّ على عقد التزويج الذي جرى ذكره، فآتوهنّ أُجورهنّ فريضةً؛ أي: مهورهنّ، فإن استمتع بالدخول بها، آتى المهر تامًّا، وإن استمتع بعقد النكاح آتى نصف المهر.


(١) "النهاية" ٢/ ٤٧٠
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٦٢.