للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الأزهريّ: المتاع في اللغة كلُّ ما انتُفِعَ به، فهو متاعٌ، وقوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦] ليس بمعنى زوّدوهنّ الْمُتَعَ، إنما معناه: أعطوهنّ ما يَستمتعن به، وكذلك قوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] قال: ومن زعم أن قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} التي هي الشرط في التمتّع الذي يفعله الرافضة، فقد أخطأ خطأً عظيمًا؛ لأن الآية واضحةٌ بيّنةٌ.

قال: فإن احتجّ محتجّ من الروافض بما يُرْوَى عن ابن عباس أنه كان يراها حلالًا، وأنه كان يقرؤها: "فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمًّى"، فالثابت عندنا أن ابن عبّاس كان يراها حلالًا، ثم لما وقف على نهي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجع عن إحلالها. انتهى المقصود من كلام ابن منظور - رحمه الله - (١).

وترجم الإمام البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه": "باب نهي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة أخيرًا".

قال في "الفتح": يعني تزويج المرأة إلى أجل، فإذا انقضى وقعت الفرقة، وقوله في الترجمة: "أخيرًا" يُفهم منه أنه كان مباحًا، وأن النهي عنه وقع في آخر الأمر، وليس في أحاديث الباب التي أوردها التصريح بذلك، لكن قال في آخر الباب: "أن عليًّا بيّن أنه منسوخ، وقد وردت عدّة أحاديث صحيحة صريحة بالنهي عنها بعد الإذن فيها، وأقرب ما فيها عهدًا بالوفاة النبويّة ما أخرجه أبو داود من طريق الزهريّ، قال: "كنّا عند عمر بن عبد العزيز، فتذاكرنا متعة النساء، فقال رجلٌ يقال له ربيع بن سبرة: أشهد على أبي أنه حدّث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عنها في حجة الوداع". انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٤١١] (١٤٠٤) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَوَكِيعٌ، وَابْنُ بِشْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ:


(١) "لسان العرب" ٨/ ٣٢٩ - ٣٣٠.
(٢) "الفتح" ١١/ ٤١٧.