للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَبِيرًا"، ذكرهما جميعًا (١). (أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) قال القرطبيّ -رحمه اللهُ: هذا يدلّ على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان طيِّب الريح، وإن لم يتطيَّب، ثم إنه كان يستعمل الطيب، ويُعجبه رائحته؛ لأنَّه كان يناجي الملائكة؛ ولأنه مُستلذٌّ لحس الشمِّ؛ كالحلاوة لحسِّ الذوق؛ ولأنه مقوٍّ للدماغ، ومحرِّك لشهوة الجماع؛ ولأنه مما يُرضي الله تعالى إذا قُصِد به القربة، والتهيؤ للصلاة. انتهى (٢).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٢٢) - (بَابُ طِيبِ عَرَقِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَالتَّبرُّكِ بِهِ)

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٠٣٧] (٢٣٣١) - (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا هَاشِمٌ -يَعْنِي: ابْنَ الْقَاسِمِ- عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ عِنْدَنَا، فَعَرِقَ، وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ، فَجَعَلَتْ تَسْلُتُ الْعَرَقَ فِيهَا، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ؟ "، قَالَتْ: هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا، وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الإسناد هو الإسناد المذكور قبل حديث.

شرح الحديث:

(عَنْ أنسِ بْنِ مَالِكٍ) -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ عِنْدَنَا)؛ أي: نام القيلولة، يقال: قال يقيل قَيْلًا، وقائلةً، وقيلولةً، ومَقالًا، ومقيلًا: نام نصف النهار، وأما قال يقول، فهو من القول، وقد تلطّف النضير المناويّ حيث قال في لُغْز [من الخفيف]:

قَالَ قَالَ النَّبِيُّ قَوْلًا صَحِيحَا … قُلْتُ قَالَ النَّبِيُّ قَولًا صَحِيحَا

وفسّره السراج الورَّاق في جوابه، حيث قال [من الخفيف أيضًا]:


(١) "الفتح" ٨/ ٢١٨.
(٢) "المفهم" ٦/ ١٢٢.