للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والجواب ما قاله النوويّ في "شرح المهذَّب" تبعًا لغيره: إن التساوي وقع في مسمى البدنة، والتفاوت في صفاتها.

ويؤيِّده أن في رواية ابن عجلان تكرير كلّ من المتقرَّب به مرتين، حيث قال: "كرجل قدَّم بدنة، وكرجل قدم بدنة. . . " الحديث.

ولا يَرِدُ على هذا أن في رواية ابن جريج: "وأولُ الساعة وآخرها سواء"؛ لأن هذه التسوية بالنسبة إلى البدنة كما تقرر.

واحتَجَّ مَن كَرِهَ التبكير أيضًا بأنه يستلزم تخطي الرقاب في الرجوع من عرضت له حاجة، فخرج لها، ثم رجع.

وتُعُقِّب بأنه لا حرج عليه في هذه الحالة؛ لأنه قاصد للوصول لحقّه، وإنما الحرج على من تأخر عن المجيء، ثم جاء فتخطى، واللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أعلم. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما سبق من سوق أقوال العلم، وأدلّتهم في هذه المسألة أن الأرجح ما ذهب إليه الجمهور من معنى الرواح والتهجير إلى الجمعة يكون من أول النهار، لا بعد الزوال، كما هو رأي الإمام مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-؛ لقوّة الأدلّة، ورجحانها، كما لا يخفى على من تأمّلها، فتأملها بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(٥) - (بَابُ التَّحْذِيرِ عَنِ اللَّغْوِ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٩٦٥] (٨٥١) - (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ بْنِ الْمُهَاجِرِ، قَالَ ابْنُ رُمْحٍ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ").


(١) "الفتح" ٢/ ٤٢٨ - ٤٣٠.