وقوله:(لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ. . . إلخ)"كان" هنا تامّة؛ أي: لما جاء يوم خيبر؛ أي: غزوتها.
وقوله:(جَاءَ جَاءٍ. . . إلخ) قال الحافظ - رحمه الله -: لم أعرف هذا الرجل، ولا اللذين بعده، ويَحْتَمِل أن يكونوا واحدًا، فإنه قال أوّلًا:"أُكلت"، فإما لم يسمعه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإما لم يكن أُمر فيها بشيء، وكذا في الثانية، فلما قال في الثالثة:"أُفنيت الحمر"؛ أي: لكثرة ما ذُبح منها ليُطبخ صادف نزول الأمر بتحريمها، ولعلّ هذا مستند من قال: إنما نهى عنها لكونها كانت حَمُولة الناس، كما سبق (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "ويَحْتَمِل أن يكونوا واحدًا. . . إلخ" هذا الاحتمال لا يخفى ما فيه من التكلّف، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.
(فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أُكِلَتِ الْحُمُرُ) ببناء الفعل للمفعول، (ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ) بالبناء للمفعول أيضًا، (فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا طَلْحَةَ) الأنصاريّ، واسمه زيد بن سهل بن الأسود الصحابيّ الشهير، توُفّي سنة (٣٤ هـ) تقدّمت ترجمته في "الحيض" ٧/ ٧٢٠. (فَنَادَى:"إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَإِنَّهَا) الفاء للتعليل؛ أي: لأنها (رِجْسٌ، أَوْ) للشكّ من الراوي (نَجِسٌ"، قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ بِمَا فِيهَا).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة.