للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والله أعلم. انتهى ما كتبه الحافظ ابن رجب - رَحِمَهُ اللهُ - بطوله (١)، وهو بحث نفيسٌ، وتحقيق أنيس، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّلَ الكتاب قال:

[٦٤٩٦] (. . .) - (حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ - يَعْنِي: ابْنَ صَالِحٍ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ، قَالَ: أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ سَنَةً، مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلةُ، كَانَ أَحَدُنَا إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شَيْءٍ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُق، وَالإِثْم مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ").

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ) أبو جعفر التميميّ، نزيل مصر، تقدّم قريبًا.

والباقون ذُكروا في الباب، وقبله.

وقوله: (أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ سَنَةً، مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ … إلخ) قال القاضي وغيره: معناه: أنه أقام بالمدينة كالزائر، من غير نقله إليها من وطنه لاستيطانها، وما مَنَعه من الهجرة، وهي الانتقال من الوطن، واستيطان المدينة، إلَّا الرغبة في سؤال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أمور الدين، فإنه كان سَمَح بذلك للطارئين، دون المهاجرين، وكان المهاجرون يفرحون بسؤال الغرباء الطارئين، من الأعراب، وغيرهم؛ لأنهم يُحتَمَلون في السؤال، ويُعذرون، ويَستفيد المهاجرون الجواب، كما قال أنس - رضي الله عنه - في الحديث الذي ذكره مسلم في "كتاب الإيمان": "فكان يُعجبنا أن يجيء الرجل العاقل، من أهل البادية، فيسأله، ونحن نسمع"، والله أعلم. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ سَنَةً … إلخ"؛ يعني: أنه أقام بالمدينة في صورة العازم على الرجوع إلى الوطن الذي


(١) "جامع العلوم والحكم" للحافظ ابن رجب - رَحِمَهُ اللهُ - ٢/ ٩٥ - ١٠٨.
(٢) راجع: "شرح النوويّ" ١٦/ ١١١.