وثالثه، من باب تَعِبَ (مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ) أي عند صلاة الفجر، فاللام بمعنى "عند"(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوُا الْجَمْرَةَ) يعني أنهم يرمون جمرة العقبة وقت وصولهم إلى منى، ولا يؤخّرون ذلك إلى طلوع الشمس (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ) -رضي الله عنهما- (يَقُولُ: أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) قال في "الفتح": كذا وقع فيه "أَرْخَصَ"، وفي بعض الروايات:"رَخَّصَ" بالتشديد، وهو أظهر من حيث المعنى؛ لأنه من الترخيص، لا من الرُّخَص.
واحتَجَّ به ابن المنذر لقول من أوجب المبيت بمزدلفة على غير الضعفة؛ لأن حكم من لم يُرَخَّص له ليس كحكم من رُخِّص له، قال: ومن زعم أنهما سواء لزمه أن يجيز المبيت على منى لسائر الناس؛ لكونه -صلى الله عليه وسلم- أرخص لأصحاب السقاية، وللرعاء أن لا يبيتوا بمنى، قال: فإن قال: لا تَعْدُوا بالرُّخَص مواضعها، فليستعمل ذلك هنا، ولا يأذن لأحد أن يتقدم من جَمع إلا من رخّص له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. انتهى، وهو تحقيقٌ نفيس، وقد تقدّم البحث في هذه المسألة مستوفًى في المسألة الرابعة من شرح حديث عائشة -رضي الله عنها- في قصّة استئذان سودة -رضي الله عنها-، أول هذا الباب، فراجعه تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخرجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤٦/ ٣١٣١](١٢٩٥)، و (البخاريّ) في "الحجّ"(١٦٧٦)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(٢٨٧١ و ٢٨٨٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٢/ ٣٨٤)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٣/ ٣٧٦)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٥/ ١٢٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.