للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن استحباب عيادة الذمّيّ هو الأرجح، اقتداء بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ورجاء إسلامه، وقول ابن بطال: فإذا لم يُطمع … إلخ فيه نظر؛ لأن ذلك غير محقّق؛ إذ ربما يظهر عليه الآن عدم الرغبة في الإسلام، ثم يتحوّل بعده، فيرغب، فلا ينبغي اليأس نظرًا لأول حاله، والله تعالى أعلم.

(التنبيه الثاني): عموم هذا الحديث يدلّ على مشروعية عيادة كلّ مريض، لكن استثنى بعضهم الأرمد؛ لكون عائده قد يرى ما لا يراه هو، وهذا الأمر خارجيّ، قد يأتي مثله في بقية الأمراض؛ كالمُغمَى عليه، وقد جاء في عيادة الأرمد بخصوصه حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه -، قال: "عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من وجع كان بعيني"، أخرجه أبو داود، وصححه الحاكم، وهو عند البخاريّ في "الأدب المفرد"، وسياقه أتم.

وأما ما أخرجه البيهقيّ، والطبرانيّ مرفوعًا: "ثلاثة ليس لهم عيادة: العين، والدُّمَّلُ، والضِّرْس"، فصحح البيهقيّ أنه موقوف على يحيى بن أبي كثير.

(التنبيه الثالث): يؤخذ من إطلاق الحديث عدم تقييد العيادة بزمان يمضي، من ابتداء مرضه، وهو قول الجمهور، وجزم الغزاليّ في "الإحياء" بأنه لا يُعاد إلا بعد ثلاث، واستند إلى حديث أخرجه ابن ماجه: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعود إلا بعد ثلاث"، وهذا حديث ضعيف جدًّا، تفرّد به مسلمة بن عليّ، وهو متروك، وقد سئل عنه أبو حاتم؟ فقال: هو حديث باطل، وله شاهد من حديث أبي هريرة، عند الطبرانيّ في "الأوسط"، لكن فيه راو متروك، فلا يثبت الحديث أصلًا، والله تعالى أعلم.

ويلتحق بعيادة المريض: تعهّده، وتفقّد أحواله، والتلطّف به، وربما كان ذلك في العادة سببًا لوجود نشاطه، وانتعاش قوّته.

وفي إطلاق الحديث أيضًا أن العيادة لا تتقيّد بوقت دون وقت، لكن جرت العادة بها في طرفَي النهار، وترجم البخاريّ في "الأدب المفرد": "العيادة في الليل"، وساق عن خالد بن الربيع، قال: "لمّا ثقُل حذيفة أتوه في جوف الليل، أو عند الصبح، فقال: أي ساعة هذه؟ فأخبروه، فقال: أعوذ بالله