للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من صباح إلى النار … " الحديث. ونقل الأثرم عن أحمد أنه قيل له بعد ارتفاع النهار في الصيف: تعود فلانًا؟ قال: ليس هذا وقت عيادة. ونقل ابن الصلاح عن الفُرَاويّ أن العيادة تستحبّ في الشتاء ليلًا، وفي الصيف نهارًا، وهو غريب.

(التنبيه الرابع): من آداب العيادة أن لا يُطيل الجلوس حتى يُضجر المريض، أو يشقّ على أهله، فإن اقتضت ذلك ضرورة، فلا بأس، كما في حديث جابر - رضي الله عنه - حيث عاده النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر - رضي الله عنه -، فوجداه أغمي عليه، فتوضأ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم صبّ وَضُوءه عليه، فأفاق، فإذا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عنده، فقاله: كيف أصنع في مالي؟ الحديث، أخرجه البخاريّ، أفاده في "الفتح" (١).

(التنبيه الخامس): قد ورد في فضل عيادة المريض أحاديث كثيرة جياد، منها عند مسلم، والترمذيّ، من حديث ثوبان - رضي الله عنه -، مرفوعًا: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خُرْفة الجنّة". و"الخرفة" بضم المعجمة، وسكون الراء بعدها فاء، ثم هاء: هي الثمرة، إذا نضِجَت، شُبّه ما يحوزه عائد المريض من الثواب بما يحوزه الذي يجتني الثمر. وقيل: المراد بها هنا الطريق، والمعنى أن العائد يمشي في طريق تؤديه إلى الجنّة، والتفسير الأول أَولى، فقد أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد" من هذا الوجه، وفيه: فقلت لأبي قلابة: ما خُرفة الجنّة؟ قال: جَنَاها، وهو عند مسلم من جملة المرفوع. وأخرج البخاريّ في "الأدب المفرد" أيضًا من طريق عمر بن الحكم، عن جابر، رفعه: "من عاد مريضًا خاض في الرحمة، حتى إذا قعد استقرّ فيها"، وأخرجه أحمد، والبزّار، وصححه ابن حبّان، والحاكم من هذا الوجه، وألفاظهم مختلفة، ولأحمد نحوه من حديث كعب بن مالك بسند حسن (٢)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم تشميت العاطس:

ذهبت طائفة إلى أنه فرض عين، قال في "الفتح": وقد أخذ بظاهرها


(١) "الفتح" ١٣/ ٢١ - ٢٢، كتاب "المرضى" رقم (٥٦٤٩ و ٥٦٥٠).
(٢) "الفتح" ١٣/ ٢٢، كتاب "المرضى" رقم (٥٦٤٩ و ٥٦٥٠).