للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

- يعني: الأحاديث المذكورة في الباب - ابن مزين من المالكية، وقال به جمهور أهل الظاهر، وقال ابن أبي جمرة: قال جماعة من علمائنا: إنه فرض عين. وقوّى ابن القيّم - رحمه الله - هذا المذهب، كما سيأتي ذِكر كلامه قريبًا.

وذهب آخرون إلى أنه فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ورجّحه أبو الوليد ابن رشد، وأبو بكر بن العربي، وبه قالت الحنفيّة، وجمهور الحنابلة.

وذهب عبد الوهّاب، وجماعة من المالكيّة إلى أنه مستحبّ، ويجزئ الواحد عن الجماعة، وهو قول الشافعيّة.

احتجّ الأولون بأحاديث كثيرة، منها حديث الباب: "للمؤمن على المؤمن ست خصال … "، ولفظ مسلم: "حقّ المسلم على المسلم ستّ" - فذكر فيها -: "وإذا عَطَس، فحمد الله، فشمّته".

وأخرج البخاريّ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: "خمس تجب للمسلم على المسلم … "، وأخرج من حديث أبي هريرة أيضًا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يُحِبّ العطاس، وَيكْرَه التثاؤب، فإذا عطس، فحمِد الله، فحقّ على كلّ مسلم سمعه أن يشمته … " الحديث. وأخرج من حديثه أيضًا، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا عطس أحدكم، فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه، - أو صاحبه - يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله، ويُصلح بالكم".

وفي حديث عائشة - رضي الله عنهما - عند أحمد، وأبي يعلى: "إذا عطَس أحدكم، فليقل: الحمد لله، وليقل له مَنْ عنده يرحمك الله"، ونحوه عند الطبرانيّ، من حديث أبي مالك.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بهذه الأحاديث الصحيحة أن المذهب الراجح وجوب تشميت العاطس على الأعيان، كما هو المذهب الأول، وقد قَوَّى العلامة ابن القيّم - رحمه الله - هذا المذهب، في "حواشي السنن"، فقال: جاء بلفظ الوجوب الصريح، وبلفظ "الحقّ" الدالّ عليه، وبلفظ "عَلَى" الظاهرة فيه، وبصيغة الأمر التي هي حقيقة فيه، وبقول الصحابيّ: "أَمَرَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: ولا ريب أن الفقهاء أثبتوا وجوب أشياء كثيرة بدون مجموع هذه الأشياء. انتهى.