للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(بَلَغَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغًا شَدِيدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قَارِبُوا)؛ أي: اقصدوا أقرب الأمور فيما تعبدتم به، ولا تغلوا فيه، ولا تقصِّروا، وقيل: هو من قولهم: قاربت الرجلَ: لاطفتُه بكلام حسنٍ لطيف، قاله المناويّ - رحمه الله - (١)، وقال النوويّ - رحمه الله -: "قاربوا أي: اقتصدوا، فلا تغلو، ولا تقصّروا، بل توسّطوا. انتهى (٢). (وَسَدِّدُوا)؛ أي: اقصدوا السَّداد، وهو الصواب في كلّ أمر، (فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفارَةٌ، حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا) هي مثل العثرة يَعثُرها برجله، وربما جُرحت إصبعه، وأصل النكب الكبّ، والقلب، قاله النوويّ - رحمه الله - (٣)، وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: النكبة: المصيبة، والجمع نَكَبات، مثلُ سجدة وسجَدات. انتهى (٤).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "حتى النكبة ينكبها، والشوكة يُشاكها" يجوز فيه الوجهان؛ يعني: الجرّ، والرفع، كذلك قيّدهما المحققون، غير أن رفع "الشوكة" لا يجوز إلا على الابتداء خاصّة؛ لأنَّ ما قبلها لا موضع للرفع فيه، فتأمّله.

قال الجامع عفا الله عنه: يجوز فيه الوجهان، بل يجوز فيه ثلاثة أوجه: الجرّ، والنصب، والرفع، على ما أسلفناه في قوله: "حتى الهمّ يُهَمّه"، فتأمله بالإمعان.

قال: وقيّده القاضي: يُهمّه بضم الياء، وفتح الهاء على ما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا وجدته مقيّدًا بخط شيخي أبي الصبر أيوب، والذي أذكر أنّي قرأت به (٥) على من أثق به بفتح يَهُمّه - بفتح الياء، وضم الهاء، مبنيًّا للفاعل - ووجهه واضحٌ؛ إذ معناه: حتى الهم يُصيبه، أو يطرأ عليه، والنكبة بالباء: العثرة، والسقطة، و"يُنكبها" - بضم الياء، وفتح الكاف -: مبنيًّا للمفعول. انتهى (٦).


(١) "فيض القدير" ٤/ ٤٦٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٣٠.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٣٠ - ١٣١.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٦٢٤.
(٥) هكذا النسخة، والظاهر: قرأته، فليُحرّر، والله تعالى أعلم.
(٦) "المفهم" ٦/ ٥٤٧.