أول من آمن بالله، ورسوله، وصدَّق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان لا يسمع شيئًا يكرهه من الردّ عليه، فيرجع إليها إلا تثبّته، وتهوّن عليه أمر الناس.
وذكر الواقدي منِ حديث نفيسة أخت يعلى بن أمية قالت: كانت خديجة ذات شرف وجمال، فذَكَر قصة إرسالها إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وخروجه في التجارة لها إلى سوق بُصْرَى، فربح ضَعف ما كان غيره يربح، قالت نفيسة: فأرسلتني خديجة إليه دسيسًا أَعْرِض عليه نكاحها، فقَبِل، وتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنةً، فولدت له القاسم، وعبد الله، وهو الطيب، وهو الطاهر، سُمِّي بذلك؛ لأنها ولدته في الإسلام، وبناته الأربع.
وقد أسند الواقديّ أيضًا قصة تزويج خديجة من طريق أم سعد بنت سعد بن الربيع، عن نفيسة بنت منية أخت يعلى، قالت: كانت خديجة امرأة شريفةً، جَلْدةً، كثيرة المال، ولمّا تأيّمت كان كل شريف من قريش يتمنى أن يتزوجها، فلما أن سافر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في تجارتها، ورجع بربح وافر رغبت فيه، فأرسلتني دسيسًا إليه، فقلت له: ما يمنعك أن تزوَّج؟ فقال:"ما في يدي شيء"، فقلت: فإن كُفيت، ودُعيت إلى المال والجمال والكفاءة؟ قال:"ومن؟ " قلت: خديجة فأجاب.
ماتت خديجة -رضي الله عنها- قبل الهجرة بثلاث سنين، على الصحيح، وقيل: بأربع، وقيل: بخمس، وقالت عائشة: ماتت قبل أن تُفرض الصلاة؛ يعني: قبل أن يُعرج بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ويقال: كان موتها في رمضان، وقال الواقديّ: توفيت لعشر خلون من رمضان، وهي بنت خمس وستين سنة، ثم أسند من حديث حكيم بن حزام أنها توفيت سنة عشر من البعثة، بعد خروج بني هاشم من الشِّعْب، ودُفنت بالحجون، ونزل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في حفرتها، ولم تكن شُرعت الصلاة على الجنائز. انتهى ملخّصًا من "الإصابة"(١).
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: كانت خديجة -رضي الله عنها- تُدعى في الجاهلية: الطاهرة، تزوَّجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل النبوة ثيّبًا بعد زواج زوجين: أبي هالة؛ هند بن