للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز» (١) . فالنص يقرر أن القوة مطلوبٌ تحقيقها في المؤمن، وأنه ينبغي له الحرص على كل ما ينفعه في دينه ودنياه، وفيه أيضًا أمرٌ بطلب العون من الله والتوكل عليه، ونهيٌ عن العجز لأن فيه إهدار للوقت.

٤ - تعليق النتائج بمشيئة الله:

المسلم في سعيه في هذه الدنيا، وفي تأديته لأعماله، وتخطيطه لمستقبل حياته العملية والخاصة، يؤمن بقضاء الله وقدره، ويتوكل على الله في سعيه لأنه سبحانه هو المصرّف للأمور وهو الذي بيده مقاليد كل شيء.

والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قد ربّى أمته على ذلك، إذ علّمهم أن تحقيق الهدف مرهون بأمرين: أولهما فعل السبب الملائم، وثانيهما توفيق الله عزَّ وجلَّ. لذا عندما سأل رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في شأن الناقة أيُطلِقها ويتوكل على الله في حفظها وعدم ضياعها أم يعقلها ويتوكل على الله بعد عقلها؟ قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم حينئذٍ: «اعقلها وتوكل» (٢) . وهذا توجيه من النبيِّ صلى الله عليه وسلم للرجل بفعل السبب الملائم لحفظ الناقة من أن تتفلت، وهو القيام بعقلها وشدِّ وَثاقها ثم التوكل بعدها على الله في حفظها.

وقد نهى صلى الله عليه وسلم المسلم عن التحسر على ما فاته، وأمره بالتسليم لقضاء الله وقدره، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإنّ "لو" تفتح عمل الشيطان» (٣) . وهذا التوجيه يولّد في نفس المؤمن روح المثابرة وتكرار المحاولة وعدم اليأس والقنوط، حتى لو أتت النتائج على غير المراد، أو كانت عكس المراد، فإنه يحتسب الأجر في ذلك عند الله، وهذا دائماً حال المؤمن الذي


(١) القشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب (٤٦) ، باب (٨) ، رقم الحديث (٢٦٦٤) ، ج٤ ص ٢٠٥٢.
(٢) ابن بلبان، الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي ت٧٣٩هـ، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط٣، ١٤١٨هـ-١٩٩٧م، ١-١٨، رقم الحديث (٧٣١) ، ج٢ ص ٥١٠.
(٣) القشيري، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب (٤٦) ، باب (٨) ، رقم الحديث (٢٦٦٤) ، ج٤ ص ٢٠٥٢.

<<  <   >  >>