للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو سقطة أو خطأ، ليملؤوا الدنيا نكيرًا عليه، وينفِّروا قلوب الخلق عنه، ويتورط ابن حِبَّان، فيتفوَّه بعبارة صاغها أسلوبه في فذلكة الكلام، وفلسفة المعاني فيجد فيها المتربصون فرصة ليقيموا عليه الدنيا، وثغرة يلجون منها ليطعنوه طعنة قاتلة ويستريحوا منه، وهم عند عامة الناس منصفون، مقيمون للحد الذي شرعه الله، لقد تورط ابن حِبَّان، فقال: "النبوة: العلم والعمل"، وهذا قول إن أُجري على ظاهره حكم على صاحبه بالزندقة، واستحق به القتل، وهذا ما حدث، فقد حكم عليه بعض أئمة عصره بالزندقة، فهجره الناس ثمَّ كُتب بهذا الأمر الخطير إلى الخليفة، الذي سارع إلى إقامة حد الله على هذا القائل، فأمر بقتله، ولولا أن الله سلَّم لحُزَّ رأسه بحدِّ السيف، فما كان أغنى ابن حِبَّان عن مقالته هذه، لقد أوقع نفسه، وأتعب عارفيه في الدِّفاع عنه، وتأويل عبارته الموهمة هذه، ودفع تهمة الزندقة أن تلتصق به.

فالإمام الذّهبيّ ينقل قصته هذه ثمَّ يقول: "هذه حكايةٌ غريبةٌ، وابن حِبَّان فمن كبار الأئمة، ولسنا ندَّعي فيه العصمة من الخطإ، لكن هذه الكلمة التي أطلقها قد يطلقها المسلم، ويطلقها الزنديق والفيلسوف، فإطلاق المسلم لها لا ينبغي، لكن نعتذر عنه، فنقول: لم يرد حصر المبتدأ في الخبر، ونظير ذلك قوله : الحج عرفة"، ومعلوم أنَّ الحاج لا يصير بمجرد الوقوف بعرفة حاجًا، بل بقي عليه فروض وواجبات، وإنما ذكر مهم الحج، وكذا

<<  <  ج: ص:  >  >>