هذا ذكر مهم النبوة، إذ من أكمل صفات النبي كمال العلم والعمل، فلا يكون أحد نبيًّا إِلَّا بوجودهما، وليس كل من برز فيهما نبيًّا، لأنَّ النبوة موهبة من الحق تعالى، لا حيلة للعبد في اكتسابها، بل بها يتولد العلم اللدنِّي والعمل الصالح، وأما الفيلسوف فيقول: النبوة مكتسبة ينتجها العلم والعمل، فهذا كفرٌ، ولا يريده أبو حاتم أصلًا، وحاشاه" "سير أعلام النبلاء" (١٦/ ٩٦)
وفذلكة ابن حِبَّان أوقعته في حِبَال مشكلة أخرى، وذاك أنه اقتحم في متاهة لا عَلَمَ فيها ولا دليل، وخاض في أمر كان البعد عن خوض لجاجه أسلم لدينه ونفسه، فقد أنكر الحد لله، وصرح بذلك في مقدمة كتابه "الثقات"، فثارت ثائرة الذين أثبتوا لله الحد، واستشاطوا غضبًا، ولم تسترح نفوسهم إِلَّا حين رأوه مطرودًا وحيدًا يُغادر بلدته سِجستان، ويفتخر بطرده يحيى بن عمار ذاك الواعظ في سِجستان حين سأله أبو إسماعيل الهروي: "هل رأيت ابن حِبَّان؟ فيجيبه منتفِخًا متعظمًا رافعًا رأسه: وكيف لم أره؟ نحن أخرجناه من سِجستان".
ويعلِّل ابن عمار سبب طرده ابن حِبَّان، وأنه تقرب بذلك إلى الله، وانتصر بزعمه للدين، فيقول: "كان له علمٌ كثيرٌ، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد لله، فأخرجناه من سجستان".
وينتصر لابن حِبَّان من بعده كبار الأئمة كابن حجر الذي قال: