إليها، لتغتال بهاءها، فأجالت فيها يد الخراب، وأحالت بساتينها الغناء إلى صحراء مجدبة، وكان بدء ذلك حين اكتسح علاء الدين حسن جهان سوز (أي محرق العالم) الغوريّ مملكة الغزنويين، وكانت إحدى مدنها، فلحقها ما لحق بمدن الغزنويين من الخراب، وذلك حوالي سنة ٥٤٥ هـ.
ويصفها ياقوت في أوائل القرن السابع الهجريّ، فيقول: والخراب فيها ظاهرٌ"، وكان من الممكن لهذه المدينة أنَّ تلتقط أنفاسها، فترمم ما تهدم منها، لولا أنَّ تيمور أجهز عليها في أواخر القرن الثامن، فأوقع بها وبما جاورها الدَّمار، حين زحف إليها من زرنج، ولم يبق من بُست إلا حصنها الذي ظل يقاوم الأحداث بفضل موقعه الحربيّ، إلى أن خربه نادر شاه في القرن الثاني عشر الهجري عام ١١١٧ هـ = ١٧٣٨ م، ولا تزال أسواره قائمة على شاطيء الهيلمند، كما أنَّ الأطلال التي تشغل مساحة كبيرة من الأرض تشهد على ما كان لهذه المدينة من عظمة وبهاء".
"وكانت بُست قد دخلت في حوزة المسلمين سنة ثلاث وأربعين للهجرة، إذ افتتحها عبد الرحمن بن سمرة، ثمَّ تقدَّم منها حتى بلغ كابل، ففتحها، وأسر الشَّاه. وتوالى على سِجستان - ومنها بُست - ولاة بني أمية، ثمَّ ولاة بني العباس، إلا أنهم كانوا في نزاع مستمر مع الأمراء المستقلين للبلاد المجاورة، والذين كانوا يلقبون برتبيل، إلى أن