للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن الأحاديث قد نهت عن بناء المساجد على القبور وهي كثيرة مشهورة وصحيحة في هذا الباب١، ولذلك لم يتردد أتباع محمد بن عبد الوهاب في هدمها؛ لأنها محرمة في الشرع، وقد اتخذت هذه القبور أوثانا بعكس ما أمر به الشارع تماما.

وهذا منكر فمن وجد قوة فعليه أن لا يتردد في استئصال هذه البدعة.

وأتباع محمد بن عبد الوهاب ليسوا هم الحكام المنفردين الذين اعتنوا بهدم القباب، بل إنه كان من المعمول به من عصر الإمام الشافعي (سنة ١٥٠ - ٢٠٤هـ) أي في أواخر القرن الثاني، وقد ذكر ذلك الإمام الشافعي في كتاب الأم بأن الحكام كانوا يهدمون ما بنى على القبور، والفقهاء لا ينتقدون عليهم وذكر هذا القول النووي في شرح مسلم٢.

وكذلك نقله ابن حجر الهيتمي في الزواجر، وذكر من أقوال الفقهاء: "وتجب المبادرة لهدمها وهدم القباب التي على القبور؛ إذ هي أضر من مسجد الضرار.. الخ "٣.

وبعد هذا التفصيل كله يتبين لكل بصير بأن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ما كان يدعو إلى دين جديد، ولا أنه أنشأ مذهبا فقهيا جديدا فهو نفسه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل (م سنة ٢٤١هـ) ، وأن دعوته هي دعوة الكتاب والسنة فقط.

فكل ما يريده هو من الأحناف أن يكونوا حنفيين خالصين، ويطالب الشافعيين أيضا بهذا.

فالذي يفعل الآن عند قبر الإمام الشافعي (م سنة ٢٠٤هـ) في مصر هل كان


١ للتفصيل في هذا الموضوع يرجع إلى كتاب تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد" للمحدث العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني. فإنه من أنفس ما رأيت في هذا الموضوع. وكذلك "زيارة القبور" لابن تيمية و"شرح الصدور في تحريم رفع القبور" للشوكاني (المترجم) .
٢ الهدية السنية: حاشية العلامة السيد رشيد رضا (م سنة ١٣٥٣ هـ) ص: ٤٩.
٣ الزواجر ج ١: ١٦٣ مطبعة وهبة بمصر.

<<  <   >  >>