للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسيادته وأذعنت له، ولما اطمأن الآن من ناحية العراق عاد يفكر في إخضاع الحجاز من جديد وصمم على ذلك ١.

وتقدم عثمان المضايفي فاستولى على الطائف بدون أي معارضة، وخضع له أهل المدينة أيضا في أوائل سنة ١٢٢٠ هـ (١٨٠٥ م) وعاهدوا بالسمع والطاعة، وهدمت القباب والمشاهد من القبور العامة كما جرت عادتهم بذلك ٢، وفي هذه المدة توجهت الجيوش النجدية الأخرى التي كانت قد أخضعت البلدان المجاورة إلى مكة.

وكان موسم الحج قد اقترب فتوقف الركب الشامي لأجل المحاصرة، واضطربت الأحوال داخل مكة، واضطر غالب إلى أن يطلب الأمان، وعاهد بطاعة سعود٣ فسمح للقافلة الشامية بالحج، وأرسل غالب هدايا إلى سعود إثباتا بطاعته، وصادق على معاهدة الصلح التي كانت قد أبرمت بين قائده عبد الوهاب أبي نقطة وعثمان المضايفي، "فتغيرت الأحوال وأمنت السبل ومشت السابلة إلى مكة من جميع النواحي، ورخصت الأسعار في الحرمين وغيرهما"٤.

وهناك محققون أوربيون أمثال هارت وبرائجس الذين يمكننا أن نصفهم بأنهم شهداء عيان تقريبا بهذه الوقعة. وهم قدموا لنا صورة جديدة ومتغيرة: "فتحت المدينة في سنة ١٨٠٤ م وكان هناك رجل يسمى (حسن قلعي) قد استولى


١ ذي القعدة سنة ١٢١٩ هـ[فبراير سنة ١٨٠٥ م] .
٢ لقد ذكر كل من إستودارد [حاضر العالم الإسلامي] و huges [قاموس الإسلام: ٦٦٠] وغيرهما أنهم هدموا القبة المبنية على قبر الرسول [صلى الله عليه وسلم] أيضا. ولكن هذا خطأ فاحش. وللتفصيل يراجع باب الافتراءات والأكاذيب.
٣ أواخر سنة ١٢٢٠ هـ[يناير أو فبراير سنة ١٨٠٦ م] .
٤ عنوان المجد ١: ١٣٢ , ١٣٤. كان القحط قد عم جميع نواحي الجزيرة العربية, وقد استمر من ذي الحجة سنة ١٢١٩ هـ إلى ذي القعدة سنة ١٢٢٠ هـ[خلاصة الكلام: ٢٨٥] وتأثرت به بلاد نجد واليمن أيضا إلا أن الأحوال قد ساءت جدا في مكة؛ لأن السكان كان قد بلغ بهم الجهد لأجل الحروب والحصار، وجاء الجدب فقربهم إلى الهلاك. وزعم فلبي أن حوادث من السلب والنهب قد وقعت بعد فتح مكة ولكنه ليس بصحيح؛ فإن أحمد زيني دحلان الذي يتحف الوهابيين بشتائم لا تعد ولا تحصى لم يذكر شيئا من هذا القبيل، فلو كان له أدنى درجة من الصحة لما سكت دحلان "يراجع خلاصة الكلام: ٢٩٢"

<<  <   >  >>