إذا نوزع في علية الحكم في الأصل، فقيل:((له لا نسلم أن الحيوانية تستلزم الجسمية))، كان هذا نزاعً في قوله:((كل حيوان جسم. وذلك أن المشترك بين الأصل والفرع إذا سمي ((علة))، إنما يراد به ((ما يستلزم أن الحكم)) سواء كان هو ((العلة الموجبة لوجوده في الخارج)) أو كان ((مستلزمًا لذلك.)) ومن الماس من يسمي الجميع ((علة)) لاسيما من يقول: ((إن العلة إنما يراد بها المعرف وهو الأمارة والعلامة والدليل. لا يراد بها ((الباعث والداعي))، ومن قال: إنه يراد بها ((الداعي)) وهو ((الباعث)) فإنه يقول ذلك في علل الأفعال. وأما غير الأفعال فقد تفسر ((العلة)) فيها ((بالوصف المستلزم)) كاستلزام ((الإنسانية والحيوانية للجسمية)) وإن لم يكن أحد الوصفين هو المؤثر في الآخر.
على أنا قد بينا في غير هذا الموضع، إن ما به يعلم ((كون الحيوان جسمًا))، به يعلم أن الإنسان جسم))، حيث بنيا أن ((قياس الشمول)) الذي يذكرونه قليل الفائدة أو عديمها، وأن ما به يعلم صدق الكبرى في العقليات به يعلم صدق أفرادها التي منها الصغرى، بل وبذلك يعلم صدق النتيجة. ثم قال: وتناقضهم فساد قولهم أكثر من أن يذكر، والمقصود هنا الكلام على المنطق وما ذكروه من ((البرهان)) وأنهم يعظمون ((قياس الشمول))، ويستخفون ((بقياس التمثيل)) ويزعمون أنه إنما يفيد الظن، وأن العلم لا يحصل إلا بذاك وليس الأمر كذلك، بل هما في الحقيقة من جنس واحد، ((وقياس التمثيل)) الصحيح أولى بإفادة المطلوب- علمًا كان لأو ظنًا- من مجرد (قياس الشمول، ولهذا كان سائر