للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلوم لا سبيل إلى معرفتها بطريقهم، لزوم أمران: أحدهما: أن لا حجة لهم على ما يكذبون به مما ليس في قياسهم دليل عليه. والثاني أن ما علموه خسيس بالنسبة إلى ما جهلوه فكيف إذا علم أنه لا يفيد النجاة ولا السعادة؟ .

الوجه العاشر: أنهم يجعلون ما هو علم يجب تصديقه ليس علمًا، وما هو باطل وليس بعلم، يجعلونه علمًا. فزعموا أن ما جاءت به الأنبياء في معرفة الله وصفاته والمعاد لا حقيقة له في الواقع، وأنهم إنما أخبروا الجمهور بما يتخيلونه في ذلك، لينتفعوا به في إقامة مصلحة دنياهم، لا ليعرفوا بذلك الحق، وأنه من جلس الكلب لمصلحة الناس. ويقولون إن النبي حاذق بالشرائع العملية دون العلمية. ومنهم من يفضل الفيلسوف على كل نبي وعلى نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام ولا يوجبون اتباع نبي بعينه لا محمد ولا غيره. ولهذا لما ظهرت التتار، وأراد بعضهم الدخول في الإسلام قيل إن هولاكو أشار عليه بعض من كان معه من الفلاسفة بأن لا يفعل، قال: ذاك لسانه عربي ولا يحتاجون إلى شريعته. ومن تبع النبي منهم في الشرائع العملية لا يتبعه في أصول الدين والاعتقاد، بل النبي عندهم بمنزلة أحد الأئمة الأربعة عند المتكلمين، فإن أئمة الكلام إذا قلدوا مذهبًا من المذاهب الأربعة اقتصروا في تقليده على القضايا الفقهية ولا يلتزمون موافقته في الأصول ومسائل التوحيد، بل قد يجعلون شيوخهم المتكلمين أفضل منهم في ذلك. وقد أخبروا النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الله بأسمائه وصفاته المعينة وعن الملائكة والعرش والكرسي والجنة والنار، وليس في ذلك شيء يمكن معرفته بقياسهم. وكذا أخبر عن أمور معينة مما كان وسيكون وليس

<<  <   >  >>