بينه وبين قياس التمثيل، فإن الكلي هو مثال في الذهن لجزئياته، ولهذا كان مطابقًا موافقًا له، بل قد يكون التمثيل أبين. ولهذا كان العقلاء يثبتون به كذلك فقولهم في الحد إنه لا يحصل بالمثال إنما ذاك في المثال الذي يحصل به التمييز بين المحدود وغيره. بحيث يعرف به ما يلازم لمحدود طردًا وعكسًا، بحيث يوجد حيث وجد، وينتفي حيث انتفى، فإن الحد المميز للمحدود هذا فقد ميز المحدود من غيره. وهذا هو الحد عند الجماهير النظار.
ولا يسوغون إدخال الجنس العام في الحد، فإذا كان المقصود الحد بحسب الاسم فسأل بعض العجم عن مسمى الخبز، فرأى رغيفًا وقيل له هذا، فقد يفهم أن هذا لفظ يوجد فيه كل ما هو خبز سواء كان على صورة الرغيف أو غير صورته. وقد بسط الكلام على ما ذكروه وذكره المنطقيون في الكلام على المحصل وغير ذلك وجد هذا في الأسئلة المجردة، إذا كان المقصود إثبات الجيم للألف والحد الأوسط هو الباء فقيل كل ألف باء وكل باء جيم أنتج كل ألف جيم. وإذا قيل كل ألف جيم قياسًا على الدال لأن الدال هي جيم وإنما كان جيمًا لأنها باء والألف أيضًا باء، فيكون الألف جيمًا لاشتراكهما في المستلزم للجيم وهو الباء، كان هذا صحيحًا في معنى الأول، لكن فيه زيادة مثال قيست عليه الألف مع أن الحد الأوسط وهو الباء موجود فيها.
فإن قيل ما ذكر ثموه من كون البرهان لابد فيه من قضية كلية صحيح، ولهذا لا يثبتون به إلا مطلوبًا كليًا.