معين لا كلي، فإن الكلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وواجب الوجود يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وإن لم يعلم منه ما يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، بل إنما علم أمر كلي مشترك بينه وبين غيره لم يكن قد علم واجب الوجود، وكذلك الجواهر العقلية عندهم، وهي العقول العشرة أو أكثر من ذلك عند من يجعلها أكثر من ذلك عندهم كالسهر وردي المقتول وأبي البركات وغيرهما منهم، كلها جواهر معينة، لا أمور كلية، فإذا لم نعلم إلا الكليات لم نعلم شيئًا منها، وكذلك الأفلاك التي يقولون إنها أزلية أبدية، فإذا لم نعلم إلا الكليات، لم تكن معلومة، فلا نعلم واجب الوجود ولا العقول ولا شيئًا من النفوس ولا الأفلاك ولا العناصر ولا المولدات، وهذه جملة الموجودات عندهم، فأي علم هنا تكمل به النفس؟
الثالث: إن تقسيمهم العلوم إلى الطبيعي والرياضي والإلهي وجعلهم (الرياضي) أشرف من الطبيعي، والإلهي أشرف من الرياضي، هو مما قلبوا به الحقائق، فإن العلم الطبيعي وهو العلم بالأجسام الموجودة في الخارج؟ دأ حركاتها وتحويلاتها من حال إلى حال، وما فيها من الطبائع أشرف من مجرد تصور مقادير مجردة وأعداد مجردة، فإن كون الإنسان لا يتصور إلا شكلًا مدورًا أو مثلثًا أو مربعًا، ولو تصور كل ما في إقليدس، أو لا يتصور إلا أعدادًا مجردة ليس فيه علم بموجود في الخارج، وليس ذلك كمال النفس