للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحساس ونحو ذلك، فالمطلوب ثبوت التحريم للنبيذ أو انتفاؤه، وكذلك ثبوت الحس للإنسان أو انتفاؤه. والمقدمة الواحدة إذا ناسبت ذلك المطلوب حصل بها المقصود. وقولنا النبيذ خمر يناسب المطلوب، وكذلك قولنا الإنسان حيوان، فإذا كان الإنسان يعلم أن كل خمر حرام، ولكن يشك في النبيذ المتنازع فيه، هل يسمى في لغة الشارع خمرًا؟ فقيل النبيذ حرام لأنه قد ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال ((كل مسكر خمر))، كانت (هذه) القضية وهي قولنا قد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن كل مسكر خمر)) يفيد تحريم النبيذ، وإن كان نفس قوله قد تضمن قضية أخرى. والاستدلال بذلك مشروط بتقديم مقدمات معلومة عند المستمع، وهي أن ما صححه أهل العلم بالحديث، فقد وجب التصديق بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله، وأن ما حرمه الرسول فهو حرام ونحو ذلك.

فلو لزم أن نذكر كل ما يتوقف عليه العلم وإن كان معلومًا، كانت المقدمات أكثر من اثنتين، بل قد تكون أكثر من عشر. وعلى ما قالوه فينبغي لكل من استدل بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: النبي حرم ذلك وما حرمه فهو حرام. فهذا حرام وكذلك يقول النبي أوجبه، وما أوجبه النبي فقد وجب، فإذا احتج على تحريم الأمهات والبنات ونحو ذلك، يحتاج أن يقول إن الله حرم هذا في القرآن وما حرمه الله فهو حرام. وإذا احتج على وجوب الصلاة والزكاة والحج بمثل قول الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت} يقول إن الله أوجب الحج في كتابه وما أوجبه الله، فهو واجب. وأمثال ذلك مما

<<  <   >  >>