للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهيدٍ: اللهمَّ لا أكلفُكَ اليومَ إلا نفسِي، ولو كانَ لكَ يا ابنَ الخطابِ عملُ سبعينَ نبيًّا لظننتَ أن لا تنجُو، قالَ عمرُ: واللَّه إن الأمرَ لشديد.

ومن روايةِ شريح بنِ عبيدٍ قالَ: قالَ عمرُ لكعب: خَوِّفنا، قالَ: واللهِ لتزفرنَّ جهنمُ زفرةً، لا يبقَى ملك مقرَّب، ولا غيرُهُ، إلا خرَّ جاثيًا على ركبتيهِ، يقولُ: ربِّ نفسِي نفسِي، وحتى نبينا، وإبراهيمَ، وإسحاقَ - عليهمُ الصلاة والسلامُ، قال: فأبكَى (*) القوم حتى نشجوا.

وفي رواية مطرفِ بن الشخيرِ، عن كعبٍ، قالَ: كنتُ عندَ عمرَ، فقالَ: يا كعبُ، خوِّفنا، فقلتُ يا أميرَ المؤمنينَ، إنَّ جهنمَ لتزفرُ يومَ القيامة زفرةً، ما يبقَى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، إلا خرَ ساجِدًا على ركبتيهِ، حتى إنً إبراهيمَ خليله - عليه السلامُ - ليخرُّ ساجِدًا، ويقولُ: نفسِي نفسِي، لا أسألكُ اليومَ إلا نفسِي، قالَ: فأطرقَ عمرُ مليًّا.

قالَ: قلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، أولستُم تجدونَ هذا في كتابِ اللَّهِ عزَّ وجل؟!.

قالَ عمرُ: كيفَ؟.

قلتُ: يقولُ اللَه عزَّ وجل في هذه الآيةِ: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [النحل: ١١١] (١).

وكانَ سعيدُ الجرميُّ، يقولُ في موعظتِهِ، إذا وصفَ الخائفين: كأنَ زفيرَ النارِ في آذانِهِم.

وعن الحسنِ، أنه قالَ في وصفِهم: إذا مرُّوا بآية، من ذكرُ الجنة، بكوا شَوْقًا، وإذا مرُّوا بآيةٍ، من ذكر النارِ، ضجوا صُراخًا، كأنَّ زفيرَ جهنًّم عندَ أصولِ آذانِهِم.

وروى ابنُ أبي الدنيا، وغيرُه عن أبي وائلٍ، قالَ: خرجْنا معَ ابنِ مسعودٍ،


(*) في حاشية الأصل: "فبكى".
(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٣٦٨ - ٣٦٩).

<<  <   >  >>