للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب السابع والعشرون - في ذكر ورود النار نجانا الله منها بفضله ورحمته]

قَالَ الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: ٧١ - ٧٢].

روى إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قَالَ: بكى عبد الله بن رواحة، فبكت امرأته، فَقَالَ لها: ما يبكيك؟

قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قَالَ: إني ذكرت هذه الآية {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} وقد علمت أني داخلها، فلا أدري، أناج منها أم لا؟ (١).

وروى ابن المبارك (٢)، عن عباد المنقري، عن بكر المزني، قَالَ: لما نزلت هذه الآية {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١] ذهب ابن روحة إِلَى بيته فبكى، فجاءت المرأة فبكت، وجاءتِ الخادمُ فبكتْ، وجاء أهل البيت فجعلوا يبكون، فلما انقطعت عبرته قَالَ: يا أهلاه، ما يبكيكم؟

قالوا: لا ندري، ولكنا رأيناك بكيت فبكينا، قَالَ: آية نزلت عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ينبئني فيها ربي أني وارد النار، ولم ينبئني أني صادر عنها [فذلك الَّذِي أبكاني] (٣).

وقال موسى بن عقبة، في "مغازيه": زعموا أن ابن رواحة بكى حين أراد الخروج إِلَى مؤتة، فبكى أهله حين رأوه يبكي، فَقَالَ: والله ما بكيت [جزعًا] من الموت ولا صبابة لكم، ولكني بكيت [جزعًا] (*) من قول الله عز وجل:


(١) أخرجه عبد الرازق في "تفسيره" (١٧٧٩).
(٢) في "الزهد" (٣٠٩).
(٣) زيادة من الزهد لابن المبارك.
(*) من المطبوع.

<<  <   >  >>